كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج مشكلات العمود الفقري؟
إصابات العمود الفقري من أكثر الإصابات المقلقة للمرضى، بسبب قناعاتهم أنه من الصعب التعافي بعد العمليات الجراحية والعودة لروتين الحياة الطبيعي قبل العملية، ولم تعد جراحات العمود الفقري معقدة كما كانت من قبل، وأصبح من الممكن استخدام الأشعة التداخلية لعلاج عديد من مشكلات العمود الفقري كالكسور والتضيق وغيرها، وتتميز الأشعة التداخلية عن الجراحات التقليدية أنها تسمح بالتعافي السريع ولا تحتاج لتخدير كلي، كما تنطوي على نسبة مخاطر أقل، وفي المقال سنتعرف إلى أهم استخدامات الأشعة التداخلية للعمود الفقري.
ما استخدامات الأشعة التداخلية للعمود الفقري؟
يشير مصطلح "الأشعة التداخلية" إلى مجموعة من التقنيات التي تعتمد على استخدام التوجيه التصويري (الأشعة السينية، أو الموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي وغيرها) لاستهداف مناطق محددة داخل الجسم بدقة وعلاج مشكلاتها دون شقوق جراحية كبيرة أو الحاجة لاستخدام المنظار الجراحي.
ويمكن وصف الأشعة التداخلية أنها بدائل جراحية طفيفة التوغل تتم باستخدام الأبر وأسلاك القسطرة الدقيقة من خلال شقوق صغيرة في الجسم وبتوجيه من تقنيات التصوير، ويُوجد عدة استخدامات للأشعة التداخلية للعمود الفقري، والتي تشمل:
- علاج التضيق الشوكي.
- علاج آلام الفقرات الناجم عن الهشاشة والكسور.
- رأب الفقرات.
- علاج التشوهات الدموية.
- تقويم تقوس العمود الفقري.
- زرع فقرات صناعية.
تعرف أيضًا على: أفضل أطباء الأشعة التداخلية
وسنتحدث عن هذه المشكلات وطريقة علاجها باستخدام الأشعة التداخلية في السطور التالية.
كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج التضيق الشوكي؟
التضيق الشوكي والذي يُعرف أيضًا بضيق العمود الفقري، هو ضيق في القناة الشوكية (المساحة داخل العمود الفقري التي يمر من خلالها الحبل الشوكي) يسبب الضغط على الأعصاب والحبل الشوكي، ما يسبب الشعور بالألم.
يحدث تضيق العمود الفقري غالبًا في أسفل الظهر والرقبة، وغالبًا ما يتطور ببطء مع التقدم في العمر، ويحدث بشكل أساسي نتيجة هشاشة العظام أو فرط نمو الأربطة الموجودة داخل العمود الفقري وزيادة سماكتها، وقد لا يشعر بعض المصابين به بأي أعراض، بينما يشعر البعض بوخز وألم وضعف في الرقبة أو الظهر أو الذراعين والساقين، وقد تتفاقم الأعراض بمرور الوقت، ولأن وضعية الوقوف لا تضغط على أسفل الظهر، فيمكن للمريض أن يشعر بتحسن في حالة الوقوف باستقامة، والعكس صحيح فعند الوقوف بميل أو عند الجلوس أو ركوب الدراجة، يحدث للمريض ضعف في الساقين نتيجة التهاب العصب، ويشعر بالألم وهذه الحالة تُعرف بـ "ضيق العمود الفقري التنكسي في المنطقة القطنية".
ويمكن علاج ضيق العمود الفقري عن طريق الأشعة التداخلية، وفيها يتم استخدام أدوات لتوسيع المنطقة المصابة في العمود الفقري، وهذه الأجهزة يتم توجيها بالأشعة المقطعية أو المنظار الفلوري، أو الأشعة السينية كما سنوضح فيما يلي.
كيف يتم الإجراء؟
- في البداية سيطلب الطبيب من المريض الاستلقاء على معدته مع رفع القدمين قليلًا، ثم يستخدم التخدير الموضعي على المنطقة المصابة.
- يصنع الطبيب شقًا صغيرًا، ويُدخل من خلاله أداة خاصة يوجهها بواسطة الأشعة السينية ومادة التباين (الصبغة) التي يتم حقنها في أثناء الإجراء.
- يقوم الطبيب بعدها باستئصال جزء من الصفيحة الفقرية (الجزء الخلفي من الفقرة الذي يغطي القناة الشوكية) وإزالة جزء من الرباط الأصفر (Ligamentum Flavum) الذي يسبب ضيق في القناة الشوكية، ما يزيد المساحة داخل العمود الفقري ويقلل الضغط على جذور الأعصاب.
تُعرف هذه الطريقة أيضًا باسم إزالة الضغط القطني الموجه بالصور(PILD)، لأنه يعالج تضيق العمود الفقري القطني الناجم عن سماكة الرباط في الجزء الخلفي من العمود الفقري، وأهم ما يميز هذا الإجراء أن البنية العظمية للعمود الفقري تُترك سليمة، ما يساعد على التعافي السريع، ويمكن للمريض البدء في الوقوف والمشي وممارسة العلاج الطبيعي بعد عدة ساعات من الإجراءات.
لماذا يحتاج المريض هذا الإجراء؟
في حالات كثيرة يكون استخدام الأشعة التداخلية هو أفضل طريقة لعلاج ضيق العمود الفقري وهذه الحالات تشمل:
- ألم تدريجي في أسفل الظهر يزداد سوءًا بسبب الوقوف باستقامة أو يتحسن من خلال الجلوس.
- ألم لا يتحسن بعد العلاج الطبيعي.
- إذا كانت الجراحة تحمل مخاطر عالية بسبب مشكلات طبية أخرى أو حساسية تجاه التخدير.
ما هي مخاطر هذا الإجراء؟
لا يرتبط هذا الإجراء بمخاطر كبيرة وفي حالات نادرة قد تحدث مضاعفات في أثناء الإجراء، والتي تشمل:
- عدوى.
- تلف العصب.
- نزيف.
- فقدان السائل الشوكي.
كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج تشوهات الأوعية الدموية في العمود الفقري؟
تشوهات الأوعية الدموية في العمود الفقري تكون في شكل وصلات غير طبيعية بين الأوعية الدموية القريبة من الحبل الشوكي، وهذه التشوهات قد تكون خلقية (موجودة منذ الولادة) أو مكتسبة خلال الحياة، وقد تحدث من تلقاء نفسها أو بسبب وجود ورم. تؤدي هذه التشوهات إلى منع تدفق الدم بصورة طبيعية إلى الحبل الشوكي، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى تلف الأعصاب.
يهدف العلاج بالأشعة التداخلية إلى منع هذه الوصلات غير الطبيعية واستعادة تدفق الدم الطبيعي للحبل الشوكي.
كيف يتم الإجراء؟
- سيضع أخصائي الأشعة التداخلية أنبوبًا صغيرًا (قسطرة) بحجم 2-3 مم داخل وعاء دموي في الفخذ.
- يتم توجيه هذه القسطرة إلى الشرايين المختارة التي تذهب إلى الحبل الشوكي.
- سيقوم أخصائي الأشعة التداخلية بعد ذلك بالحصول على صورة لإمداد الدم، وعندما يتم تحديد موقع الأوعية الدموية المحددة المشوهة، يتم إدخال قسطرة أصغر لغلق هذه الأوعية باستخدام الغراء أو ملف معدني صغير.
لماذا يحتاج المريض هذا الإجراء؟
عادةً ما يعاني المريض نتيجة تشوهات الأوعية الدموية في العمود الفقري من ضعف في حركة الساقين، والذي قد يزداد مع الوقت، ويساعد الإجراء على استعادة الحركة بشكل طبيعي.
ما هي مخاطر الإجراء؟
تشمل المخاطر البسيطة حدوث:
- كدمات.
- عدوى في الحبل الشوكي.
وقد يصاحب الإجراء مضاعفات أخرى مثل حدوث انخفاض إضافي في تدفق الدم إلى الحبل الشوكي، ما يؤدي إلى ضعف أو تقييد الحركة.
اقرأ المزيد عن: ما مميزات الأشعة التداخلية؟ وما عيوبها؟
كيف تستخدم الأشعة التداخلية لرأب لعمود الفقري؟
رأب العمود الفقري هو إجراء بسيط يتم فيه حقن مادة مثبتة مشابهة لتكوين العظام، وتكون مصممة للاستخدام في العظام في العمود الفقري، ويُنصح بهذا الإجراء إذا كان المريض يعاني من كسر في العمود الفقري يضغط على الفقرات، أي أن إحدى الفقرات قد انهارت إما بسبب السقوط أو ضعف في الفقرة. تعمل المادة المثبتة كنوع من الجبيرة الداخلية، ما يخفف الشعور بالألم ويثبت المنطقة المصابة من العمود الفقري.
يمكن إصلاح عديد من مشكلات العمود الفقري بهذه الطريقة، إذ يمكن تقويم تقوس الظهر عن طريق إدخال بالونات ونفخها في الفقرات المضغوطة بتوجيه الأشعة المقطعية أو المنظار لاستعادة مظهرها المستقيم، وقد يُوصي الطبيب بإجراء عملية تقويم التقوس إذا كان المريض قد تعرض لكسر بسبب الاصطدام، أو إذا كان يعاني من نقص كبير في الطول بسبب كسر العمود الفقري، كذلك يمكن استخدام هذا الإجراء لتكبير العمود الفقري لاستعادة الطول، وفيه يتم زرع فقرة صناعية، ويُتبع ذلك بحقن مادة عظمية مثبتة لعلاج كسور العمود الفقري المؤلمة، خاصةً تلك الناتجة عن الحوادث أو التي تؤدي إلى فقد كبير في الطول.
كيف يتم هذا الإجراء؟
عادةً ما تكون جراحة رأب العمود الفقري وتقويم التقوس من إجراءات العيادة الخارجية. ومع ذلك، يتم إجراؤها من حين لآخر تحت التخدير العام، وفي هذه الحالات، يبقى المريض في المستشفى طوال الليل، ويتم رأب العمود الفقري في العموم بالخطوات التالية:
- سيطلب الطبيب من المريض الاستلقاء على بطنه ليحصل على المخدر الموضعي في المنطقة المصابة.
يقوم أخصائي الأشعة التداخلية بإدخال إبرة في العمود الفقري باستخدام الأشعة السينية (أحيانًا يتم دمجها مع التصوير المقطعي المحوسب) لتوجيه الإبرة وسيقوم بحقن المادة المثبتة في المنطقة المستهدفة للتأكد من عدم كسر الفقرات مرة أخرى.
- في أثناء عملية تقويم التقوس، يتم إدخال بالونين ونفخهما قبل حقن المادة العظمية المثبتة، بينما في إجراءات الزرع في العمود الفقري (زيادة طول العمود الفقري) يتم توسيع الغرسة (الفقرة الصناعية) قبل إدخالها في منطقة العمود الفقري.
وإذا حصل المريض على مخدر موضعي فقد يحتاج للبقاء في المستشفى لمدة ساعتين بعد الجراحة لملاحظة حالته قبل خروجه من المستشفى وحتى يزول أثر المخدر.
لماذا يحتاج المريض هذا الإجراء؟
يمكن إجراء تكبير العمود الفقري لتخفيف آلام الظهر الناتجة عن كسور العمود الفقري الانضغاطية والتي تعد سبب شائع للألم والعجز وترتبط بزيادة معدل الوفيات.
ما هي مخاطر الإجراء؟
تشير الدراسات أن الزرع في العمود الفقري لتكبيره وسيلة فعالة وآمنة لعلاج كسور العمود الفقري، خاصةً عند التوجيه بواسطة تقنيات تصوير عالية الجودة، ومع ذلك قد يواجه المريض مضاعفات بسيطة مثل:
- العدوى.
- رد فعل تحسسي.
- نزيف في مكان إدخال الإبرة.
وقد تحدث مضاعفات أخرى والتي تشمل:
- انسداد عرضي في الوريد في أسفل الظهر.
- تسرب صغير في المادة المثبتة في الأنسجة الرخوة حول الفقرات.
- التهاب جزء من العصب الفقري.
- انسداد بسيط في الرئة.
وقد يحدث عدد من الآثار الجانبية الشديدة، والتي على الرغم من ندرتها فإنها واردة الحدوث وتشمل:
- تسرب المادة المثبتة إلى المنطقة المحيطة (وهي حالة تتطلب جراحة فورية).
- جرح في الحبل الشوكي قد يؤدي إلى إعاقة.
- انسداد كبير في الرئة ما قد يؤدي إلى فشل تنفسي حاد والوفاة.
ختامًا، فإنه يمكن استخدام الأشعة التداخلية للعمود الفقري لعلاج عديد من الإصابات والكسور، دون الحاجة لشقوق جراحية، ما يساعد المريض على التعافي السريع دون مضاعفات شديدة أو ألم بعد الإجراء.
مشاركة المقال