كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج أمراض الكبد؟
أصبحت الأشعة التداخلية ليست فقط وسيلة لتشخيص نسبة كبيرة من الأمراض، ولكن أيضًا لعلاج عديد من الحالات التي كان يتم علاجها من قبل بالجراحات التقليدية أو حتى بالمنظار الجراحي، إذا أصبح من الممكن أخذ خزعات (عينات الأنسجة)، وتركيب دعامات وغيرها من الإجراءات باستخدام الأشعة التداخلية دون أن يحتاج المريض لشق جراحي كبير، ما يقلل من المخاطر ويساعد على تعافيه بسرعة أكبر، وفي هذا المقال سنتحدث عن أحد أنواعها وهي الأشعة التداخلية للكبد.
ما الأمراض التي تحتاج الأشعة التداخلية للكبد؟
الأشعة التداخلية، هي تخصص طبي حديث يعتمد على استخدام تقنيات التصوير مثل الأشعة المقطعية والسينية والرنين المغناطيسي لتوجيه أدوات طبية مثل القسطرة، والإبر، وغيرها إلى مناطق محددة داخل الجسم للقيام بإجراءات إلى جانب التصوير والتشخيص مثل:
- علاج بعض الأورام.
- أخذ خزعات.
- وضع دعامات في الأوعية الدموية، ما يساعد على علاج حالات مثل تضيق الشرايين.
تعرف أيضًا على: أفضل أطباء الأشعة التداخلية
وتُعتبر الأشعة التداخلية للكبد واحدة من أهم الوسائل المستخدمة لتشخيص وعلاج عديد من أورام الكبد الأولية والثانوية، ويمكن استخدام الأشعة التداخلية للكبد لعدة أغراض والتي منها:
- تشخيص السرطان عن طريق أخذ خزعة موجهة بتقنيات التصوير.
- كعلاج أولي لتدمير الأورام.
- منع النزيف في أثناء الجراحة.
- تخفيف الألم الناجم عن السرطان أو علاجه.
- تصريف تجمع السوائل.
- توصيل الجسيمات المشعة القاتلة للسرطان أو العلاج الكيميائي أو الحرارة مباشرةً إلى الأورام.
وتنطوي الأشعة التداخلية للكبد على مخاطر أقل مقارنةً بالجراحات التقليدية، ويمكن إجراؤها غالبًا بالتخدير الواعي دون الحاجة للتخدير العام.
كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج سرطان الكبد؟
تُستخدم الأشعة التداخلية لعلاج كل من سرطانات الكبد الموضعية والنقيلة (وهي السرطانات التي انتقلت للكبد من أجزاء أخرى من الجسم، وعادةً ما تنشأ في القولون أو الثدي أو الرئتين أولًا)، ويُوجد عديد من إجراءات الأشعة التداخلية لعلاج سرطان الكبد والتي تشمل:
العلاجات التي تعتمد على استخدام القسطرة
- الانصمام الكيميائي- (Chemoembolization): هو إجراء يهدف لإيصال العلاج الكيميائي مباشرةً إلى الورم مع قطع الإمداد الدموي عنه. في أثناء عملية الانصمام الكيميائي، تُستخدم قسطرة لتوصيل كُريات مجهرية (Microspheres) محملة بالعلاج الكيميائي مباشرةً إلى الورم. يتم إطلاق العلاج الكيميائي من هذه الكريات المجهرية إلى الورم، ما يمنع تدفق الدم عنه وتدميره.
- الانصمام الإشعاعي- (Radioembolization): يُعرف أيضًا بـ "العلاج الإشعاعي الداخلي الانتقائي"، وهو مشابه للنوع السابق وفيه يتم توصيل كُريات متناهية الصغر لتوصيل العلاج الإشعاعي مباشرةً إلى الورم، وتعتمد هذه التقنية على استخدام الأوعية الدموية الخاصة بالورم لتمرير العلاج الإشعاعي مباشرةً له، ما يقلل الضرر اللاحق بالأنسجة السليمة المجاورة.
- العلاج الكيميائي داخل الشرايين (IAC): وهو طريقة لتوصيل جرعات مركزة من العلاج الكيميائي مباشرةً إلى ورم الكبد من خلال قسطرة. تم تصميم هذه التقنية للسماح بجرعة أكثر فاعلية من العلاج الكيميائي للوصول إلى الورم مع تقليل الآثار الجانبية على الأنسجة الأخرى.
العلاجات التي تعتمد على الإبر
- الكي بالتردد الحراري- Nanoknife: هو إجراء طفيف التوغل يُستخدم مع بعض مرضى سرطان الكبد الذين يعانون من ورم غير قابل للجراحة يكون عادةً أقل من ثلاثة سنتيمترات، وفيه يتم توجيه إبر رفيعة عبارة عن أقطاب كهربائية (قطبين إلى أربعة أقطاب) داخل الأنسجة السرطانية، ثم ًتُمرر سلسلة من النبضات الكهربائية ذات الجهد العالي، يعمل هذا التيار الكهربائي على عمل مسام أو ثقوب في أغشية الخلايا السرطانية (وهي عملية تُعرف بالتثقيب الكهربائي)، ما يؤدي إلى موت الخلايا وتدمير الورم.
- الاجتثاث الحراري- Thermal Ablation: وهي طرق تعتمد على استخدام درجات حرارة قصوى لتدمير الأورام، ويُوصى بها إذا كان للمريض ثلاثة أورام أو أقل، وتستهدف هذه الإجراءات الورم مباشرةً، وتشمل:
- الاستئصال الحراري بالترددات الراديوية- Radiofrequency ablation: وتعتمد على استخدام موجات الراديو لتسخين الورم وتدميره.
- الاستئصال بالتبريد- Cryoablation: وهي طريقة أخرى لتدمير الأورام باستخدام درجات حرارة قصوى، وتعتمد على تجميد الورم للتخلص منه.
كما توجد أنواع أخرى من الاجتثاث الحراري، تُستخدم فيها أشعة الميكروويف والليزر والموجات فوق الصوتية المركزة والتي تعمل جميعها على كي البؤر السرطانية وقتل الخلايا دون التأثير على الأنسجة السليمة، وكما ذكرنا، لا تحتاج كل هذه التقنيات إلى إجراء شق جراحي، ويعتمد الاختيار بين الاستئصال الحراري والتبريد وغيرها من الطرق على حجم الورم وموقعه وشكله.
ولا يقتصر استخدام الأشعة التداخلية على علاج الأورام السرطانية في الكبد، ولكن يمكن استخدامها أيضًا لعلاج مشكلات القنوات الصفراوية مثل تضيق القنوات الصفراوية الخبيثة وغيرها من الحالات، كما سنوضح فيما يلي.
اقرأ المزيد عن: ما مميزات الأشعة التداخلية؟ وما عيوبها؟
كيف تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج الركود الصفراوي؟
الركود الصفراوي، هو حالة لا يمكن فيها للصفراء أن تتدفق من الكبد للأمعاء الدقيقة عبر القنوات المرارية لتساهم في عملية الهضم وامتصاص الدهون، ويحدث هذا بسبب وجود ضيق أو انسداد في القنوات الصفراوية فتتجمع الصفراء في الكبد وتعود لمجرى الدم مسببة ما يُعرف بـ الصفراء الانسدادية- Obstructive Jaundice.
ويمكن علاج هذه الحالة باستخدام الأشعة التداخلية عن طريق تقنية التصريف الصفراوي وهي طريقة لتصريف الصفراء، وعادةً ما يلجأ إليها الأطباء في حالات الانسداد الخبيثة مثل في حالات سرطان القنوات الصفراوية وأورام البنكرياس، وتتم بالخطوات التالية:
- يقوم الطبيب بإعطاء المريض مضادات حيوية قبل الإجراء لمنع إصابته بالعدوى، ويتم الإجراء تحت التخدير الموضعي (التخدير الواعي) أو التخدير الكامل وفقًا لحالة المريض وعمره.
- يستخدم الطبيب الموجات فوق الصوتية أو الأشعة السينية أو المنظار الفلوري لتوجيه إبرة عبر الجلد إلى الكبد ومنه إلى القنوات الصفراوية، ويستخدمها لحقن مادة التباين (الصبغة) لتحديد مسارات القنوات الصفراوية وإظهارها بشكل أفضل في التصوير.
- يقوم الطبيب بعد ذلك بإدخال سلك توجيهي في القناة الصفراوية ويتبعه بقسطرة، ثم يستخدم السلك التوجيهي والقسطرة معًا لتجاوز الانسداد في القناة الصفراوية، والوصول للأمعاء. يساعد هذا الإجراء على توسيع القناة المسدودة، ما يسمح بإدخال قسطرة أخرى لتصريف الصفراء.
- سيُدخل الطبيب قسطرة التصريف أو كما تُعرف بقسطرة البذل وهي قسطرة تحتوي على ثقوب متعددة تُستخدم لتصريف العصارة الصفراوية في اتجاهين، إلى كيس خارج الجسم (تصريف خارجي) وإلى الأمعاء (تصريف داخلي).
- إذا كان الانسداد خبيثًا، سيقوم الطبيب بوضع دعامة معدنية بعد تصريف الصفراء لإبقاء القناة الصفراوية مفتوحة وللسماح بالتخلص من الصفراء.
- يمكن للطبيب أيضًا من خلال هذا الإجراء بالتخلص من الحصوات الصفراوية خارج الجسم باستخدام جهاز إمساك دقيق، كما يمكن دفع الحصوات الصغيرة والمتوسطة باستخدام بالون صغير إلى الأمعاء الدقيقة.
مخاطر التصريف الصفراوي باستخدام الأشعة التداخلية
استخدام الأشعة التداخلية في العموم لا ينطوي على مخاطر كبيرة مقارنةً بالجراحات التقليدية، ومع ذلك فقد يصاحب التصريف الصفراوي باستخدام الأشعة التداخلية بعض المضاعفات والتي تشمل:
- النزيف: عادةً ما يكون نزيفًا طفيفًا ولا يحتاج علاج ويتحسن من تلقاء نفسه، ومن المضاعفات النادرة حدوث نزيف شديد يحتاج إلى نقل دم أو جراحة.
- العدوى: قد يُصاب المريض بعدوى في القنوات الصفراوية والتي يصاحبها حمى وقشعريرة وتسمم في الدم.
- مخاطر أخرى: مثل احتمالية حدوث ثقب في الأعضاء المحيطة بالقناة الصفراوية في أثناء العملية مثل المرارة والأمعاء.
في النهاية، فإن استخدام الأشعة التداخلية لعلاج مشكلات الكبد والمرارة أصبح الخيار المفضل لكثير من الأطباء لمميزاتها المتعددة، إذ يتعافى المريض بشكل أسرع كما أن مخاطرها أقل بكثير من الجراحات التقليدية، وبالطبع سيحدد الطبيب طريقة العلاج الأفضل من الخيارات المتاحة وفقًا لحالة المريض.
مشاركة المقال