متى تحدث جلطات الرئة ؟ أعراضها ؟ أسبابها ؟ وكيفية الوقاية منها ؟
تمثل الجلطات في العموم مشكلة صحية خطيرة ومهددة للحياة، وحين يأتي الأمر لجلطات الرئة، فإنها واحدة من أكثر أنواع الجلطات خطورة، والتي تشير الإحصاءات إلى أنها ترتبط بالموت المفاجئ لحوالي 25% من الأشخاص المصابين بها، ولتجنب مضاعفات الجلطات الرئوية، سنوضح في المقال كيفية حدوثها وأهم أعراضها، وطرق الوقاية منها.
ما هي جلطات الرئة؟ ومتى تحدث؟
جلطة الرئة أو كما تُعرف بالانسداد الرئوي، هي جلطة دموية تتطور في واحد من الأوعية الدموية في الجسم (غالبًا ما تحدث في الساق أو الذراع) ثم تنتقل إلى أحد شرايين الرئة، ما يمنع تدفق الدم إلى الرئتين، ويخفض مستوى الأكسجين فيهما، ويزيد من ضغط الدم في الشرايين الرئوية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تلف جزء من الرئة.
إذا نشأت الجلطة في وريد وبقيت هناك فإنها تُعرف بالجلطة، أما إذا تفككت وانتقلت إلى منطقة أخرى في الجسم عبر وعاء دموي، فإنها تُعرف في هذه الحالة بالصمة، لذا فإن جلطة الرئة تُعرف بالصمة الرئوية؛ لأنها تتكون في الساق أولًا، وإذا تسببت الصمة في منع تدفق الدم، فإن تلك الحالة تُعرف بانسداد الأوعية الدموية الناجم عن الصمة.
في الحالة الطبيعية يضخ القلب الدم بقوة كبيرة إلى الشرايين، ومنها يتدفق إلى الشعيرات الدموية (الأوعية الدموية الدقيقة في الأنسجة) ثم يعود إلى القلب مرة أخرى عبر الأوردة. في بعض الأحيان يتباطأ تدفق الدم عند عودته للقلب ما يؤدي إلى تكوين جلطة.
ما هي أسباب جلطات الرئة؟
تجلط الدم هو عملية طبيعية لمنع النزيف في أثناء الإصابات، لذا في الطبيعي يصنع الجسم جلطات دموية ثم يكسرها، لكن في بعض الأحيان قد لا يتمكن الجسم من تفكيك هذه الجلطة، ما قد يؤدي إلى مشكلات ومضاعفات صحية خطيرة.
عند حدوث جلطات دموية في الوريد، فقد يكون ذلك بسبب تباطؤ تدفق الدم، أو خلل في تكوين الجلطة، أو بسبب إصابة في جدار الأوعية الدموية.
وتشمل الأسباب الشائعة لجلطات الرئة ما يلي:
- تجمع الدم في جزء معين من الجسم (عادةً الساق أو الذراع) نتيجة فترات طويلة من الخمول، مثل: في فترات التعافي من الجراحات، أو بعد تجبير العظام المكسورة، أو أي مشكلة تجعل المريض يلازم الفراش لوقت طويل، إذ تتسبب الجاذبية في تجمع الدم، ما قد يؤدي للجلطة.
- إصابة الأوردة، نتيجة حوادث أو جراحة (خاصةً في مناطق: الحوض أو الورك أو الركبة أو الساق).
- حالة طبية أخرى، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية أو السكتة الدماغية.
- زيادة عوامل تخثر الدم، مثل: في بعض أنواع السرطان، أو لدى بعض النساء اللاتي يستخدمنّ وسائل هرمونية لمنع الحمل، أو نتيجة عوامل وراثية.
- الآثار الجانبية للأدوية، مثل: بعض علاجات السرطان.
كل العوامل السابقة تزيد من فرص تكون جلطات في الأوردة العميقة في الجسم وغالبًا في الساق، والتي قد تتفكك وتنتقل للرئة مسببة الصمة الرئوية.
ما هي أعراض الجلطة الرئوية عند الشباب؟
لا تختلف أعراض جلطات الرئة عند الشباب عن كبار السن، ومع ذلك قد تختلف أعراض الجلطة الرئوية من شخص لآخر، والجدير بالذكر أن نصف الأشخاص الذي يعانون من الانسداد الرئوي لا تظهر عليهم أي أعراض.
أما إذا ظهرت أعراض الجلطة الرئوية، فإنها عادةً ما تشمل:
- ضيق التنفس (العرض الأكثر شيوعًا وقد يحدث تدريجيًا أو بشكل مفاجئ).
- ألم في الصدر (عادةً ما يزداد سوءًا مع التنفس، وقد ينتقل للكتف أو الذراع).
- شعور بالقلق.
- دوخة أو دوار قد يصل للإغماء.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- خفقان (تسارع ضربات القلب).
- السعال (في بعض الأحيان قد يكون مصحوبًا بدم).
- التعرق.
- انخفاض ضغط الدم.
قد يعاني المريض أيضًا من أعراض تجلط الأوردة العميقة في الساقين، ومنها:
- ألم في الساق المصابة (قد يحدث فقط عند الوقوف أو المشي).
- تورم في الساق.
- دفء واحمرار في الساق.
- تغير لون الجلد للأزرق.
وبصفة عامة تعتمد شدة الأعراض على حجم الجلطة، وما إذا كان المريض يعاني من مشكلات في القلب أو الرئة مسبقًا.
في حالة مواجهة أي من الأعراض السابقة، فمن المهم الذهاب إلى الطوارئ لاتخاذ الخطوات اللازمة.
ما هي أنواع وكيفية تشخيص جلطة الرئتين؟
هناك ثلاثة أنواع من الجلطة الرئوية، تُصنف وفقًا للمدة التي يعاني منها المريض من الأعراض، وتشمل هذه الأنواع:
- الجلطة الرئوية الحادة: وفيها تظهر الأعراض بشكل مفاجئ، وتشمل ضيق التنفس وألم الصدر وسعال الدم. تعتبر الصمة الرئوية الحادة خطيرة إذا تُركت دون علاج، إذ قد تؤدي لارتفاع ضغط الدم الرئوي، وقد تصبح مهددة للحياة.
العلاج الأساسي للصمة الرئوية الحاد هو مضادات التخثر، والتي تزيد من سيولة الدم، وتمنع زيادة حجم الجلطة وتقلل من فرص تكونها في المستقبل. - الجلطة الرئوية تحت الحادة: يحدث هذا النوع من الجلطات الرئوية بشكل تدريجي خلال أسبوعين إلى 12 أسبوعًا، وتتسبب في معدل أعلى من الوفيات، وقد تكون أكثر مقاومة للعلاجات التي تساعد على تفتيت الجلطة.
- الجلطة الرئوية المزمنة: يقصد بها الجلطة الرئوية التي تظل ملتصقة على جدران الأوعية الدموية حتى بعد العلاج، وهي أقل شيوعًا من الجلطة الحادة وتحت الحادة.
تشخيص جلطات الرئة
يمكن تشخيص جلطات الرئة عن طريق الفحوص التصويرية واختبارات الدم، ولا يعتمد الطبيب على الأعراض فقط لتشخيص الصمة الرئوية؛ لأنها تتشابه مع تلك المصاحبة لحالات طبية أخرى، وتشمل طرق التشخيص ما يلي:
- الأشعة السينية للصدر؛ لتقييم حالة القلب والرئتين.
- فحص التهوية والتروية، وفيه تُستخدم مادة مشعة؛ لتساعد على فحص الرئتين.
- الأشعة بالصبغة؛ لتصوير الأوعية الدموية.
- التصوير المقطعي بالصبغة (الأشعة المقطعية).
- التصوير بالرنين المغناطيسي، يستخدم هذا التصوير مزيجًا من المجال المغناطيسي والترددات الراديوية، وحاسوب؛ للحصول على صور مفصلة للأعضاء الداخلية.
- فحص دوبلر لتقييم تدفق الدم في الأوعية الدموية في الساقين.
- الفحوص المعملية (التحاليل)، تُستخدم اختبارات السيولة و تحليل D- dimer للتحقق من حالة تخثر الدم، تشمل تحاليل الدم الأخرى، اختبارات للكشف عن الاضطرابات الوراثية التي قد تسبب تخثر الدم.
- مخطط كهربية القلب أو كما يُعرف بـ رسم القلب.
ما هو علاج جلطة الرئة؟
يمكن علاج جلطة الرئة بأكثر من طريقة وفقًا لمكان الجلطة، وحجمها، ومدى شدة الأعراض، وما إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى، وتشمل خيارات العلاج ما يلي:
- مضادات التخثر: تُعرف أيضًا بمميعات الدم، والتي تقلل من قدرة الدم على التجلط، ما يمنع تكون الجلطة وزيادة حجمها، وتشمل هذه الفئة من الأدوية: الوارفارين والهيبارين.
- مذيبات الجلطة: تعمل هذه الأدوية على تكسير الجلطة لتحسين تدفق الدم، ولا تُعطى للمريض إلا بعد حجزه في المستشفى لأن آثارها الجانبية قد تشمل النزيف.
- مرشح الوريد الأجوف: وهو جهاز معدني صغير أشبه بفلتر يُوضع في الوريد الأجوف (الوعاء الدموي الكبير الذي يعيد الدم من الجسم إلى القلب) لمنع الجلطات من الانتقال إلى الرئتين. يستخدم الطبيب هذا الجهاز إذا كان المريض لا يمكنه الحصول على مضادات التخثر لأسباب طبية.
- جراحة استئصال الجلطة الرئوية: نادرًا ما تُستخدم هذه الجراحة لإزالة جلطة الرئة، وتُجرى فقط في الحالات الشديدة عندما يكون حجم الجلطة كبير جدًا، ولا يمكن للمريض الحصول على مضادات التخثر بسبب مشكلات طبية أخرى أو لم يستجب لها.
- استئصال الجلطة عن طريق الجلد: ومن خلالها تُمرر قسطرة عن طريق الجلد إلى موقع الانسداد عبر الأوعية الدموية وبتوجيه من الأشعة السينية؛ لتفتيت الجلطة أو سحبها أو إذابتها باستخدام مميعات الدم.
شاهد من خلال الفيديو قصة إنقاذ حياة سيدة من جلطة ومضاعفات أمراض مزمنة | د. هيثم رمضان بمستشفيات أندلسية
أبرز النصائح للتعايش مع جلطة الرئة
على الرغم من أن الجلطة الرئوية مهددة للحياة، فإن معظم المرضى يتماثلون للشفاء، ولكن يحتاجون لتعلم كيفية التعايش مع احتمالية تكرار الإصابة بها، ويُوصى لمريض جلطة الرئة وخاصةً النوع المزمن بما يلي:
- تناول مضادات التخثر التي يوصي بها الطبيب بانتظام (قد يوصي بها الطبيب لمدة ثلاثة أشهر أو طوال حياة المريض).
- ارتداء الجوارب الضاغطة، والتي تمنع تكون الجلطة الرئوية التي تبدأ عادةً في الساقين، وتعمل عن طريق الضغط على الأوعية الدموية في الساق، ما يساعد على حركة الدم ويثبط تكوين الجلطات.
- عمل اختبارات الدم والفحوص التي يوصي بها الطبيب بصورة دورية؛ لاكتشاف الجلطة في وقتٍ مبكر وتقييم مدى فاعلية الأدوية.
- المتابعة المنتظمة مع الطبيب خلال فترة التعافي والتي قد تستمر من أسبوعين إلى 3 أشهر.
- العودة للأنشطة اليومية بشكل تدريجي بعد التعافي من الجلطة الرئوية، واستشارة الطبيب في حالة الشعور بضيق في التنفس، أو ألم في الصدر خلال تلك الفترة.
- عدم العودة للعمل إلا بعد تصريح الطبيب، خاصةً إذا كانت طبيعة العمل تتطلب مجهودًا بدنيًا.
ختامًا، فإنه يمكن تفادي مضاعفات جلطات الرئة إذا تم التعامل معها بشكل سريع، لذا يُنصح دائمًا بمجرد الشعور بضيق شديد في التنفس أو ألم في الصدر التوجه للطبيب لمعرفة السبب وراء هذه الأعراض، خاصةً أنها قد تشير أيضًا لحالات أخرى خطيرة، مثل: النوبة القلبية.
الأسئلة الشائعة
ما هي أبرز مضاعفات جلطات الرئة؟
كيف يمكن الوقاية من جلطات الرئة؟
مشاركة المقال