ما أعراض مرض الكوليرا؟ وما طرق انتشاره؟
كنا نسمع حول الكوليرا كوباء قديم، وكيف اجتاح كثير من البلدان وكان له ضحايا بالآلاف ولم يكن بالإمكان السيطرة على المرض سوى بالإجراءات الاحترازية والوقاية حتى تم اكتشاف علاجه، ومع ذلك فإنه لا يزال يمثل مشكلة صحية عامة خاصةً في بعض دول العالم الثالث وتلك التي تعانب من تدهور أنظمة الصرف الصحي، ما دفعنا لنسلط الضوء في مقالنا على وباء الكوليرا وأسبابه وأهم أعراضه.
ما هو مرض الكوليرا؟
الكوليرا Cholera هي مرض حاد يصيب الجهاز الهضمي، تسببه بكتيريا تُعرف بـ Vibrio cholerae، وتسبب إسهالاً شديدًا قد يصل لمرحلة الجفاف. تنتشر الكوليرا حتى يومنا هذا في أجزاء من العالم حيث تكون جودة المياه والصرف الصحي رديئة أو في حالة حدوث تلوث لماء الشرب بمياه الصرف الصحي.
على عكس العديد من الأمراض المعدية الأخرى، مثل الطاعون و جدري الماء وشلل الأطفال، لا تزال الكوليرا تمثل مشكلةً صحية عامة في عديد من بلدان العالم، حتى مع وجود طرق فعالة للوقاية منها وعلاجها.
تُصنف الكوليرا أنها مرض حاد ومميت يظهر في شكل إسهال مائي غزير، وغالبًا ما يؤدي إلى الجفاف وفي النهاية وفاة المريض غير المعالج في غضون ساعات قليلة.
نتعرف إلى مزيد عن أعراض الكوليرا وعلاجها من خلال المقال.
لماذا سُميت الكوليرا بهذا الاسم؟
تختلف النظريات حول أصل تسمية الكوليرا بهذا الاسم، فالبعض يقترح كونها من أصل يوناني cholē وتعني الصفراء، وذلك لأن العلماء وقتها فسروا أن الإسهال والقيء على أنهما محاولة من الجسم لاستعادة التوازن والصحة الجيدة عن طريق طرد الصفراء الزائدة.
في تفسير آخر قيل أنها مشتقة من cholēdra، تعني في الأصل مجرى لأن الكوليرا يطرد المريض من خلالها السوائل من الجسم على شكل مجرى من الماء.
بالإضافة إلى ذلك، أشار البعض أن الكوليرا قد تكون مشتقة من cholās، وهي كلمة أتيكية تعني الأمعاء، ويشير هذا الارتباط أنها تصيب الأمعاء وتسبب أعراضًا هضمية خاصةً الإسهال والقيء.
أيًا كان التفسير الصحيح، فإن المهم في النهاية هو أن كلمة كوليرا تشير إلى مرض وبائي يسبب أعراضًا هضمية خطيرة.
ما هي أسباب مرض الكوليرا؟
تنتج عدوى الكوليرا بسبب الإصابة ببكتيريا الـ Vibrio cholerae، وتحدث العدوى عندما تدخل البكتيريا الجسم عن طريق الفم، وعادةً ما تكون في الطعام أو الماء الملوث بالبراز البشري.
ما هي طرق انتقال الكوليرا؟
يمكن انتقال وباء الكوليرا من خلال الطرق التالية:
- شرب الماء أو تناول الطعام الملوث بالبكتيريا.
- ملامسة براز شخص مصاب.
- تناول الأسماك أو المحار من المياه الملوثة.
أين تنتشر الكوليرا؟
يمكن أن ينتشر المرض بسرعة خاصةً في المناطق التي بها:
- مياه شرب غير نظيفة.
- صرف صحي سيئ.
- تلوث وعدم العناية بالنظافة على كافة المستويات.
عادةً لا تظهر الكوليرا إلا لدى المسافرين القادمين من بلدان لا يزال المرض منتشرًا فيها، مثل إفريقيا، وأوروبا الوسطى، وأمريكا اللاتينية، وآسيا.
ما هي أعراض مرض الكوليرا؟
تظهر أعراض الكوليرا على أقل من 25٪ من المصابين، ويعاني 10 إلى 20٪ منهم من مرض شديد.
غالبًا ما تكون العدوى خفيفة أو دون أي أعراض، ولكنها قد تكون شديدة في بعض الأحيان مسببة ما يلي:
- إصابة مفاجئة بالإسهال المائي الغزير غير المؤلم ودون حُمى.
- الغثيان والقيء في وقت مبكر من المرض.
- الجفاف (يكون مصحوبًا بأعراض مثل: انخفاض ضغط الدم، جفاف الفم، العطش الشديد، تشنجات العضلات، ضعف النبض، عيون غائرة، تجعد الجلد، خمول شديد).
في الحالات الشديدة غير المعالجة، قد تحدث الوفاة في غضون ساعات، ولكن مع العلاج البسيط يمكن توقع الشفاء التام.
ما هو لون براز الكوليرا؟
اللون المميز لبراز الكوليرا هو أبيض معتم، وغالبًا ما يُوصف بأنه له مظهر "ماء الأرز". في بعض الأحيان يكون له رائحة سمكية ولا يكون مصحوبًا بألم ولكنه مائي وحاد.
متى تظهر أعراض الكوليرا؟
تتراوح فترة الحضانة، منذ التعرض للبكتيريا وحتى ظهور أعراض الكوليرا من بضع ساعات إلى بضعة أيام (عادةً 5 أيام).
كيف يمكن علاج مرض الكوليرا؟
الجفاف من أهم المضاعفات التي يجب الانتباه لها، لأن استمراره دون علاج قد ينتهي بوفاة المريض.
يمكن علاج الجفاف من خلال:
استبدال السوائل والأملاح المفقودة من خلال إعطاء المريض محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم أو محاليل وريدية في الحالات الشديدة.
إلى جانب السوائل ومحلول الجفاف قد يوصي الطبيب بتناول مكملات الزنك خاصةً للأطفال.
ما هي المضادات الحيوية لعلاج الكوليرا؟
العلاج بالمضادات الحيوية مفيد في الحالات الشديدة، ولكن نظرًا لظهور سلالات من البكتيريا المسببة للكوليرا المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة، يجب أولاً اختبار حساسية المضادات الحيوية على عينة من السلالات المعزولة.
عادةً ما يوصي الطبيب بإعطاء المضادات الحيوية مثل التتراسيكلين خلال اليوم الأول من العلاج.
علاج الكوليرا في البيت
إذا ظهرت أعراض الكوليرا عليك أو أحد أفراد أسرتك خاصةً لو كنت في بلدة ينتشر بها المرض سواء مقيمًا أو عائدًا من السفر، فلا يجب الاكتفاء بالعلاجات المنزلية خاصةً إذا كان الإسهال شديدًا ومصحوبًا بقيء، فإن ذلك يعرضك لمخاطر الجفاف ومضاعفاته.
يجب استشارة الطبيب والالتزام بخطة العلاج الموصوفة والإقامة بالمستشفى إذا ما أوصى بذلك.
- شرب مزيد من السوائل: الجفاف من أخطر مضاعفات مرض الكوليرا، لذا فإن المحاولة الأولى لعلاج هذه الحالة يجب أن تركز على إعادة ترطيب الجسم من خلال شرب الكثير من الماء. تأكد من شرب الماء المغلي أو الماء المنقى لضمان سلامة الماء الذي تتناوله. إلى جانب الماء يمكن تناول الحليب الرائب ومغلي الأعشاب وعصير البرتقال للحفاظ على ترطيب جسمك.
- تناول محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم: نظرًا لأن الكوليرا تؤدي إلى فقدان مفرط للسوائل من الجسم، فإن تعويض سوائل الجسم والملح مهمة للتعافي السريع من الحالة. يمكن القيام بذلك بشكل أفضل من خلال تناول محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم (ORS) المتوافر في الصيدليات لأنه يقلل من شدة الأعراض. إذا لم يتوافر المحلول الجاهز يمكن صنع محلول معالجة الجفاف بالمنزل عن طريق خلط نصف ملعقة من الملح، وست ملاعق من السكر في لتر واحد من الماء وشربه على جرعات.
- تناول الزبادي المدعمة بالبروبيوتيك: تعمل على تحسين الهضم وتساعد الجسم على محاربة البكتيريا المسببة للكوليرا، كما تعزز جهاز المناعة في الجسم.
- تناول الزنجبيل: يُعرف الزنجبيل بخصائصه المضادة الحيوية الطبيعية ضد البكتيريا بما فيها المسببة للكوليرا، كما أنه يساعد على علاج الإسهال الناجم عن الكوليرا وتشنجات المعدة وآلام البطن. يمكنك تناول مبشور الزنجبيل الممزوج بالعسل لتحسين عملية الهضم أو تناوله على شكل شاي الزنجبيل.
من المهم أيضًا أن يستأنف المرضى تناول الطعام بمجرد أن يتمكنوا من ذلك من أجل تجنب سوء التغذية أو منع تفاقمه.
كيف يمكن الوقاية من مرض الكوليرا؟
لتجنب الكوليرا خاصةً إذا كنت مسافرًا للدول التي تنتشر بها العدوى من المهم أن تضع في اعتبارك ما يلي:
- تناول طعامًا مطبوخًا في المنزل جيدًا، أو من مكان موثوق.
- تناول الخضراوات بعد تقشيرها؛ لأن القشرة قد تحمل البكتيريا إذا كانت مياه الري ملوثة، على سبيل المثال تناول التفاح والخيار وغيرهما بعد تقشيرهما.
- اشرب المياه المعبأة لضمان عدم تلوثها بالبكتيريا ( إذا لم تتمكن من الحصول على المياه المعبأة، فقم بتعقيم المياه عن طريق غليها لمدة 5 دقائق على الأقل).
- اغسل يديك بالصابون والماء الجاري (أو استخدم معقم اليدين) قبل تناول الطعام وبعد استخدام المرحاض.
- تجنب اللحوم والمأكولات البحرية النيئة أو غير المطبوخة جيدًا مثل السوشي.
- الفواكه والخضراوات النيئة (بما في ذلك السلطات).
- ابتعد عن تناول أي أطعمة معرضة للذباب.
- تجنب المشروبات المضاف إليها الثلج في المقاهي والمطاعم.
ما هو تطعيم الكوليرا؟
لقاح الكوليرا ليس معممًا للجميع ولا يدخل ضمن جدول التطعيمات الأساسية، ولكن يُوصى به لمن هم معرضين للإصابة ومنهم المصابين بالحالات التالية:
- السكري.
- التهاب الأمعاء.
- نقص المناعة البشرية (الإيدز).
- ضعف المناعة.
- أمراض القلب والأوعية الدموية الخطيرة.
اللقاحات متوفرة، ولكن موصى بها فقط للمسافرين إلى البلدان عالية الخطورة. قد لا تحمي من جميع سلالات بكتيريا الكوليرا والحماية تقتصر على عدة أشهر فقط.
هل مرض الكوليرا معدي؟
يتساء البعض عن مرض الكوليرا هل هو معدي؟ والإجابة هي لا تنتشر الكوليرا من خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب، ولكن يمكن للأشخاص المصابين بالكوليرا أن يفرزوا البكتيريا في برازهم لمدة تصل إلى أسبوعين، ما قد يؤدي إلى تلوث المياه، وقد يؤدي إلى إصابة أشخاص آخرين، إذا لم يكن المريض يعتني بقواعد النظافة العامة مثل غسل اليدين بالماء والصابون بعد استخدام المرحاض.
هل يجب عزل مريض الكوليرا؟
لتجنب انتشار عدوى الكوليرا ننصحكم بما يلي:
- عزل الأشخاص المصابين بالكوليرا خاصةً الأطفال حتى يختفي الإسهال لمدة 24 ساعة على الأقل. إذا كان المريض يعمل في مجال الأغذية فيجب أن يحصل على إجازة حتى يختفي الإسهال أو القيء لمدة 48 ساعة.
- تجنب السباحة للأطفال والرضع والبالغين المصابين بالكوليرا حتى يختفي الإسهال لمدة 24 ساعة.
- عزل المرضى المصابين بأمراض خطيرة في المستشفى.
- غسل جميع الملاءات وأغطية الفراش والأشياء التي يستخدمها المريض بالماء الساخن والصابون وتنظيف الغرفة جيدًا عندما يتعافى الشخص.
يجب مراقبة المخالطين (على سبيل المثال، أفراد الأسرة) للحالة لمدة 5 أيام من تاريخ آخر تعرض للشخص المصاب. المخالط هو أي شخص كان قريبًا بدرجة كافية من شخص مصاب ليكون معرضًا لخطر الإصابة بالعدوى من ذلك الشخص.
هل الكوليرا خطيرة؟
في غياب العلاج، وفي أشد أشكاله حدة، يعد الكوليرا أحد أكثر الأمراض المعدية خطورة، إذ قد يموت المرضى في غضون يوم إلى ثلاثة أيام نتيجة لانهيار القلب والأوعية الدموية. ومعدل الوفيات أعلى بين الأطفال وكبار السن وأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
فيما يلي مضاعفات الكوليرا:
- الفشل الكلوي: عندما تفقد الكلى قدرتها على الترشيح، تتراكم مواد مثل بعض الإلكتروليتات، وكميات زائدة من السوائل، والنفايات في الجسم، وهي حالة قد تهدد الحياة.
- انخفاض سكر الدم: مع الإسهال والقيء المستمر قد يصبح الفرد مريضًا جدًا لدرجة أنه لا يستطيع تناول الطعام، ما يؤدي إلى انخفاض شديد في مستوى السكر في الدم لديه وقد ينتهي بغيبوبة سكر منخفض.
- انخفاض مستويات البوتاسيوم: يفقد الأفراد المصابون بالكوليرا كميات كبيرة من المعادن مثل البوتاسيوم من خلال برازهم. تتسبب مستويات البوتاسيوم المنخفضة في تعطيل وظائف الأعصاب والقلب وبالتالي تهدد الحياة.
على الرغم من خطورته، فإن مرض الكوليرا يمكن السيطرة عليه والتعافي منه إذا ما التزم المريض بالبروتوكول العلاجي وتم تعويض السوائل المفقودة بشكل سريع، ويمكن ملاحظة التحسن بعد بضع ساعات فقط ويتعافى المرضى بشكل كامل، دون آثار دائمة، في غضون بضعة أيام.
في مستشفيات أندلسية مصر، نؤمن بأن صحتك هي أغلى ما تملك. نحن هنا لتقديم أفضل رعاية طبية بفضل فريقنا الطبي المتميز وأحدث التقنيات. لا تنتظر، اجعل صحتك أولوية... احجز الآن!
الأسئلة الشائعة
هل غليان الماء يقضي على الكوليرا؟
هل تنتقل الكوليرا باللمس؟
مشاركة المقال