ما هي طرق علاج نوبات الهلع؟ وما علاقتها بنقص فيتامين د؟
ماذا لو تضخمت أكبر مخاوفك لتصبح وحشًا ضخمًا يقف أمامك؟ كيف ستشعر وقتها؟ أنفاسك متلاحقة كما لو كانت تسابق بعضها بلا توقف، وضربات قلبك تشارك في هذا السباق وأنت وسط هذا تشعر كأنك تائه ولا تعي ماذا يحدث، أو تستيقظ من نومك وتشعر وكأن كلبًا أسود ضخم يركض ورائك بلا توقف، أو أنك تسقط من قمة الجبل، هذا ما يُعرف بـ نوبة الهلع أو البانك أتاك، والتي تحدث بشكل مفاجئ، ولأن أعراضها قد تتشابه مع مشكلات صحية مثل النوبات القلبية، فإنها قد تسبب قلقًا كبيرًا لدى الشخص، ويمكن علاج نوبات الهلع ببعض الخطوات البسيطة والتي نخبرك بها من خلال المقال ونوضح مزيدًا من المعلومات عنها.
ما هي نوبات الهلع؟
نوبة الهلع أو الـ Panic attack هي نوبة قصيرة من القلق الشديد والغامر، لذا تُعرف مجازًا أيضًا بنوبة القلق، والتي تسبب إحساسًا مندفعًا بالخوف، حتى لو لم يكن المحفز لها واضحًا، أي أنها قد تحدث حتى عندما لا يكون هناك خطر حقيقي أو سبب واضح مع أعراض جسدية وأفكار مخيفة.
تحدث نوبات الهلع بشكل متكرر وغير متوقع وغالبًا لا تكون مرتبطة بأي تهديد خارجي. يمكن أن تستمر نوبة الهلع من بضع دقائق إلى نصف ساعة، ومع ذلك، فإن الآثار الجسدية والعاطفية لها قد تستمر لبضع ساعات.
نوبات الهلع ليست نادرة كما يظن البعض، إذ تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من 35% من الأشخاص على مستوى العالم يعانون من نوبة الهلع أو البانيك أتاك في وقتٍ ما من حياتهم.
يمكن أن تؤدي نوبات الهلع المتكررة والمطولة إذا لم تُعالج إلى عدم القدرة على ممارسة الحياة بصورة طبيعية. قد يخشى المصاب بنوبة الهلع من مغادرة منزله أو قد يفضل البقاء بمفرده خوفًا من التعرض لهجوم، ما يؤثر في حياته بشكل كبير.
نوبات الهلع ليست مهددة للحياة، ولكنها يمكن أن تكون مخيفة للشخص الذي يعاني من النوبة وللمحيطين به أيضًا، خاصةً إذا كانت تحدث بشكل متكرر وغير متوقع.
ما هي أعراض نوبات الهلع؟
قد تبدو أعراض نوبة الهلع وكأنك تعاني من نوبة قلبية أو سكتة دماغية أو نوبة ربو أو أي حالة طبية طارئة أخرى. لا تُعد أعراض نوبة الهلع خطيرة، لكنها يمكن أن تكون مخيفة للغاية، وقد تجعل المريض يشعر أن شيئًا كارثيًا على وشك الحدوث.
أعراض نوبات الهلع الجسدية
عادةً ما تكون لنوبات الهلع أعراض جسدية ومنها:
- رعشة.
- شعور بالارتباك.
- ضيق في التنفس (الشعور كأنك تختنق).
- آلام في المعدة.
- غثيان.
- قشعريرة.
- أوجاع جسدية.
- ارتفاع ضغط الدم المفاجئ.
- خدر أو وخز في الأطراف.
- ضربات قلب سريعة وغير منتظمة.
- جفاف الفم.
- آلام الأسنان.
- الهبّات الساخنة (شعور بسخونة مفاجئة في الجسم).
- تعرق ودوخة.
- ألم في الصدر.
- الشعور بالحرارة أو البرودة الشديدة.
- الشعور بأن الساقين تهتزان ولا تدعمان الجسم.
- اصطكاك أو صرير الأسنان.
- البكاء.
باختصار يمكن أن يشعر المريض كما لو كان يعاني من نوبة قلبية، أو أنه سوف ينهار أو حتى أنه على وشك الموت.
كما ذكرنا، تأتي نوبات الهلع فجأة ويمكن أن تحدث مع أو دون محفز محدد، وتستمر ما بين 5 إلى 30 دقيقة.
أعراض نوبات الخوف النفسية
إلى جانب الأعراض الجسدية، فإن نوبة الهلع قد تكون مصحوبة بالأعراض النفسية التالية:
- شعور بفقدان السيطرة.
- خوف مفاجئ من الموت.
- الشعور بالانفصال عن المحيطين.
- بعد النوبات قد يستمر الشعور بالقلق طوال اليوم.
- الشعور بالانفصال عن العقل والجسد.
قد تسبب هذه الأعراض قلقًا كبيرًا لدى الأشخاص لأنها قد تحاكي علامات المشكلات الطبية الكبيرة مثل أمراض القلب.
قد تجعل نوبة الهلع المريض يشعر بالخوف من الخروج بمفرده أو إلى الأماكن العامة بسبب قلقه من التعرض لنوبة هلع أخرى. إذا أصبح هذا الخوف شديدًا جدًا، فيمكن أن يُسمى رهاب (فوبيا) الخلاء أو رهاب الميادين.
ما هي أعراض ما بعد نوبة الهلع؟
يمكن أن تظهر أعراض نوبة الهلع بشكل مختلف لدى كل شخص، وعلى الرغم من أن هذه الأعراض في العموم تستمر من 5 إلى 30 دقيقة، لكن مدة نوبة الهلع تختلف بشكل كبير، ولا يُوجد إطار زمني محدد يمكن أن يتوقعه الشخص.
وحتى مع انتهاء النوبة فقد يشعر الشخص بأعراض تستمر لفترة من الوقت والتي تعرف بـ أعراض ما بعد نوبة الهلع ومنها:
- التعب المفرط.
- الإرهاق.
- نوبات أخرى من القلق.
- آلام الجسم.
- أرق ونوم متقطع.
- الشعور بعدم الراحة.
- ألم في الصدر.
- الانفعال.
- الصداع.
- الارتعاش.
- تغيرات في الشهية.
- توتر العضلات.
- ارتباك.
- فقدان القدرة على التركيز.
ما هي أسباب البانك أتاك؟
كما هو الحال مع عديد من مشكلات الصحة العقلية، فإن السبب الدقيق لاضطراب الهلع ليس مفهومًا تمامًا. لكن يُعتقد أنه مرتبط بمجموعة من العوامل، بما في ذلك:
- التعرض لصدمة أو مشاهدة أحداث مؤلمة، سواء عندما كنت طفلاً أو بالغًا.
- وجود أحد أفراد العائلة المقربين مصابًا باضطراب الهلع أو وجود شخصية قلقة على الدوام في محيط حياتك.
- التعرض لحدث حياتي مرهق، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو الطلاق.
- خلل في الناقلات العصبية (المرسلات الكيميائية) في الدماغ.
- الطفولة السيئة.
- مشكلات الغدة الدرقية.
- الأمراض المزمنة (مثل أمراض القلب، أو السكري، أو القولون العصبي، أو الربو).
- المشكلات النفسية مثل الاكتئاب.
- المخدرات والأدوية.
كما وضحنا أنه ليس بالضرورة أن تحدث نوبة الهلع نتيجة سبب واضح، ومع ذلك فقد تحدث نتيجة محفزات شائعة مثل:
- وظيفة مرهقة.
- الأوضاع الاجتماعية السيئة.
- الرهاب (الفوبيا)، مثل رهاب الأماكن المكشوفة (الخوف من الأماكن المزدحمة أو المفتوحة)، ورهاب الأماكن المغلقة (الخوف من المساحات الصغيرة)، ورهاب المرتفعات (الخوف من المرتفعات).
- الألم المزمن.
كيفية علاج نوبات الهلع
مشكلة نوبة الهلع أن الشخص الذي يمر بها قد لا يعي أنه يمر بنوبة هلع وأغلب الظن أنه قد يشعر أن ما يمر به هو مشكلة صحية لذا في البداية يجب تمييز نوبة الهلع وما إذا كانت تحدث بمحفز أم أنها تحدث بشكل تلقائي.
من المهم أيضًا أن يعرف المريض كيفية علاج نوبات الهلع في المنزل والتحكم في أعراضها خاصةً أنها قد تأتي في أثناء النوم وفي أوقات أخرى لا يمكن معها التحدث إلى الطبيب.
علاج نوبة الهلع بدون أدوية
يمكن التعامل مع نوبات الهلع من خلال عدة علاجات وتقنيات دون أدوية ونتعرف إلى هذه الطرق فيما يلي:
الاستشارة والعلاج النفسي
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): عادةً ما يكون هذا هو العلاج الأول المقترح لعلاج نوبات الهلع. من خلال العلاج يمكنك التحدث مع طبيب أو معالج لمعرفة ما إذا كان هناك سبب أو محفز وراء النوبات، وتعليمك كيفية التعامل مع المواقف بشكل مختلف. يساعد العلاج السلوكي المعرفي على التغلب على مخاوفك بشكل أفضل.
- العلاج المعرفي: يساعد هذا العلاج على تحديد الأفكار التي قد تسبب اضطراب القلق والتعامل معها بشكل محايد.
- العلاج بالتعرض: يتضمن هذا النوع من العلاج التعرض بشكل متحكم فيه وتحت إشراف الطبيب للمواقف التي تثير الخوف والقلق، ما يساعد على تعلم مواجهة تلك المخاوف بطريقة جديدة.
- ممارسة اليقظة الذهنية: اليقظة الذهنية هي تقنية يمكن أن تساعدك على ربط أفكارك بالوقت الحاضر. يمكنك ممارسة اليقظة الذهنية من خلال مراقبة الأفكار والأحاسيس بشكل فعال دون التفاعل معها والتركيز على المكان الذي تجلس فيه وتفاصيله وعلى مشاعرك وتفعيل حواسك مثل الرؤية والشم والسمع واللمس عن طريق التركيز على تفاصيل الغرفة وشم رائحة المكان لربط كل الحواس باللحظة الحاضرة وتقليل أعراض نوبة الهلع.
- استخدم تقنيات الاسترخاء: تشمل تقنيات الاسترخاء التخيل الموجه والعلاج العطري واسترخاء العضلات. إذا كنت تعاني من أعراض القلق أو نوبة الهلع، فحاول القيام بأشياء تجدها مريحة. أغمض عينيك أو استحم أو استخدم زيت اللافندر الذي له تأثيرات مريحة للأعصاب.
قد يقترح الطبيب حضور جلسات فردية، أو جماعية، أو مزيج من الاثنين.
علاج نوبات الهلع في المنزل
يجب عليك التحدث مع الطبيب لمعرفة ما يمكنك فعله لمنع وعلاج الأعراض المرتبطة بنوبة الهلع، ومع ذلك فإن معرفة كيفية التعامل مع نوبة الهلع في المنزل مهم للغاية خاصةً أنه كما ذكرنا فإنها قد تحدث بشكل مفاجئ وفي أي مكان.
إذا شعرت بقرب حدوث نوبة هلع، فجرب ما يلي:
- تمارين التنفس: عندما تشعر بتسارع أنفاسك، ركز انتباهك على كل شهيق وزفير. خذ شهيقًا ببطء من خلال الأنف حتى تشعر بأن معدتك تمتلئ بالهواء. قم بالعد التنازلي من أربعة في أثناء الزفير واطلقه عبر الفم. أغمض عينيك وركز على تنفسك. كرر ذلك حتى يتباطأ تنفسك.
- معرفة ما تمر به وتقبله: إذا كنت قد تعرضت بالفعل لنوبة قلق أو ذعر، فأنت تعلم أن الأمر قد يكون أمرًا صعبًا للغاية. ذكّر نفسك أن الأعراض سوف تمر وستكون على ما يرام.
- تغييرات نمط الحياة: يمكن أن تساعدك التغييرات التالية في نمط الحياة على منع نوبات الهلع وتقليل شدة الأعراض عند حدوثها.
- تجنب مصادر التوتر في حياتك.
- التعرف إلى الأفكار السلبية وإيقافها.
- ممارس التمارين الرياضية المعتدلة بانتظام.
- ممارسة التأمل أو اليوغا.
- اتباع نظام غذائي متوازن.
- الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين يعانون من القلق أو نوبات الهلع.
- الإقلاع عن التدخين والكحول.
- تقليل تناول الكافيين.
علاج نوبات الهلع بالأدوية
قد تحتاج حالة الشخص في بعض الأحيان إلى استخدام الأدوية، وقد يصف الطبيب الأدوية التالية لعلاج نوبات الهلع:
- مضادات الاكتئاب: تشمل هذه الأدوية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs).
- حاصرات بيتا: تساعد هذه الأدوية على إدارة بعض الأعراض الجسدية، مثل سرعة ضربات القلب.
- الأدوية المضادة للقلق: تشمل البنزوديازيبينات، وهو دواء مهدئ يمكنه تقليل حدة الأعراض بسرعة.
كل هذه الأدوية يمكن أن يكون لها آثار جانبية ولا يجب استخدامها بأي شكل دون استشارة الطبيب. تُستخدم مضادات الاكتئاب على المدى الطويل، وقد يستغرق الشعور بتأثيرها بعض الوقت. البنزوديازيبينات مخصصة للاستخدام على المدى القصير فقط، لأن هناك خطر كبير للاعتماد عليها.
ما الفرق بين نوبات الهلع ونوبات القلق؟
يخلط البعض بين نوبات الهلع والقلق وكأنهما نفس الشيء ولكن ظروف كل منهما تختلف عن الآخر، وفي الواقع فإن نوبة الهلع هي بالفعل نوبة من القلق الشديد ولكنهما مصطلحان يُستخدمان لوصف حالتين.
قد يكون من الصعب معرفة ما إذا كان ما تعاني منه هو نوبة قلق أم هلع، ويمكن التفرقة بينهما كما سنوضح في النقاط التالية:
- السبب أو المحفز: يرتبط القلق عادةً بشيء مرهق أو وجود تهديد. بينما لا ترتبط نوبات الهلع دائمًا بوجود تحفيز وفي أغلب الأحيان تحدث فجأة بلا سبب واضح.
- شدة الأعراض: يمكن أن يكون القلق خفيفًا أو متوسطًا أو شديدًا. على سبيل المثال، قد تحدث نوبات القلق وتستمر في ممارسة حياتك بشكل طبيعي، ولا تعيقك عن هذا، من ناحية أخرى تنطوي نوبات الهلع في الغالب على أعراض شديدة ومزعجة قد يصعب معها ممارسة الأنشطة اليومية.
- بداية ظهور الأعراض: تظهر أعراض القلق بشكل تراكمي وتزداد مع الوقت، ولكن نوبات الهلع عادةً ما تأتي فجأة.
- التأثير: تثير نوبات الهلع عادةً مخاوف في النفس تدفع الشخص إلى تجنب بعض الأماكن أو المخاوف، بينما لا يؤثر القلق بالطريقة نفسها، فقد يسبب مخاوف لكنها لا تصل لمنع الشخص من الخروج من المنزل على سبيل المثال.
قد تبدو نوبات الهلع والقلق متشابهة في كثير من الأعراض. الجدير بالذكر أنه يمكنك التعرض إلى كل من القلق ونوبة الهلع في الوقت نفسه، على سبيل المثال، قد تشعر بالقلق بشأن موقف قد يكون مرهقًا، مثل عرض تقديمي مهم في العمل، وعندما يصل القلق إلى ذروته فإنه يتحول إلى نوبة هلع.
هل تحدث نوبات الهلع أثناء النوم؟
نعم، كثيرًا ما تحدث نوبات الهلع في أثناء النوم، وهي ما تُعرف بـ نوبات الهلع الليلية، أو "الرعب الليلي"، وغالبًا ما تكون بالأعراض نفسها مثل نوبة الهلع التقليدية التي تحدث في أثناء النهار، وعلى الرغم من أن هذه النوبات الليلية تستمر عادةً لبضع دقائق فقط، فقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تهدأ بدرجة كافية لتعود إلى النوم بعد التعرض لها. هذا إلى جانب القلق بشأن ما إذا كنت ستتعرض لنوبة هلع أخرى، وهو ما قد يؤدي إلى الأرق وصعوبة الاستغراق في النوم.
هل نقص فيتامين د يسبب نوبات الهلع؟
يرتبط انخفاض مستويات فيتامين د بزيادة أعراض الاكتئاب والقلق. لهذا السبب، يُجرى عادةً فحص مستوى فيتامين د إذا كان المريض يعاني من أحد اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات المزاجية الأخرى. إذا كان المريض يعاني بالفعل من نقص فيتامين "د" فإن العلاج يتضمن تعويض هذا النقص. مع ذلك لا يُعتقد أن فيتامين د يسبب القلق بشكل مباشر أو يؤدي نقصه لحدوث نوبة الهلع ولكن قد يسبب نقصه زيادة حدة الأعراض.
لذا يُنصح بالتعرض لأشعة الشمس بشكل منتظم، للحصول على فيتامين "د" بكميات كافية، كذلك فإن الخروج في الهواء الطلق في النهار من العوامل المهمة لمكافحة الاكتئاب والذي يعد من العوامل المحفزة لنوبات الهلع.
ختامًا فإن علاج نوبات الهلع أمر ليس مستحيلًا، ويمكن للشخص الذي يعاني منها تعلم كيفية التعامل معها والتحكم في أعراضها بمساعدة الطبيب النفسي، من المهم فقط في حال التعرض لأي عرض مقلق التوجه للطبيب لمعرفة ما إذا كان يشير إلى نوبة هلع أو مشكلة صحية أخرى فقد تتشابه أعراضها مع مشكلات خطيرة مثل النوبة القلبية، ويمكن للطبيب فقط تشخيص المسبب وراء الأعراض ووصف العلاج المناسب له.
الأسئلة الشائعة
هل نوبات الهلع تسبب ألم في الجسم؟
هل يمكن الشفاء التام من نوبات الهلع؟
مشاركة المقال