هل يمكن علاج الروماتيزم؟
تُعد أمراض الروماتيزم من الأمراض المزمنة التي يجب على المريض معها الالتزام بأدوية علاجية طويلة المدى؛ للحفاظ على الحالة في وضع مستقر ومنع التدهور، وكذلك حماية المفاصل من الإصابة بالتلف الدائم. فهل تتبع جميع الأمراض الروماتيزمية طريقة العلاج ذاتها، أم يختلف الأمر باختلاف نوع المرض، هذا ما سنجيب عليه في المقال التالي.
هل يمكن علاج الروماتيزم؟
تتنوع أنواع الأمراض الروماتيزمية لتصل إلى أكثر من 100 نوع، مما يجعل من الصعب الاعتماد على نوع واحد أو طريقة علاجية واحدة لكل هذه الأمراض لكن يوجد طرق مشتركة بين معظم الأنواع كما سنرى.
يمكن علاج الروماتيزم دوائيًا فقط أو الدمج بينه وبين طرق العلاج الأخرى مثل:
- التدخل الجراحي.
- العلاج الطبيعي.
أولًا: ما علاج الروماتيزم الدوائي؟
تتفق معظم الأمراض الروماتيزمية في حاجة المريض لـ:
1.مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المسكنة للألم.
يعاني مريض الأمراض الروماتيزمية من نوبات الألم التي قد تدوم فترات طويلة. يوجد بعض أنواع المسكنات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية. تستطيع هذه المسكنات مساعدة المريض في تجاوز الشعور بالألم ومواصلة حياته بصورة طبيعية.
هناك نوعان من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التقليدية مثل إيبوبروفين.
- مثبطات COX-2 مثل سيليكوكسيب.
يحتاج بعض الأشخاص إلى أنواع أقوى من المسكنات التي يجب أن يكون وصفها تحت إشراف الطبيب، حتى لا يتعرض المريض إلى أي مضاعفات.
يجب الانتباه إلى أن الإفراط في تناول المسكنات قد يؤدي إلى أضرار بالغة في ما يخص الكبد والكلى، كما أنها تسبب بعض الآثار الجانبية مثل:
- آلام المعدة.
- قرحة المعدة.
- عسر الهضم.
سيصف لك الطبيب عادةً دواء يسمى مثبط مضخة البروتون (PPI) للمساعدة في حماية معدتك عن طريق تقليل كمية الحمض التي تنتجها.
2. عائلة الكورتيزون.
تساعد أدوية الكورتيزون على تخفيف التهاب المفاصل وتقليل تورمها، كما تساعد كذلك على إبطاء معدل تعرض المفصل للتآكل أو التلف.
قد تؤدي هذه الأدوية إلى بعض الآثار الجانبية مثل هشاشة العظام واكتساب الوزن وزيادة احتمالية الإصابة بالسكر.
يلجأ الأطباء إلى الاعتماد على الكورتيزون عند التعرض لنوبات الألم والالتهاب لتخفيف آثارها بسرعة مع التأكيد على سحب الدواء بصورة تدريجية.
أدوية علاج بعض أمراض الروماتيزم الأخرى
يوجد بعض الأدوية التي تناسب كل مرض على حدة كما سنرى:
1) التهاب المفاصل الروماتويدي أو الصدفي Rheumatoid/ Psoriatic Arthritis
- الحقن الموضعي للمفاصل بالكورتيزون
يهدف هذا الحل إلى تخفيف ألم وتورم أحد المفاصل سريعًا بفضل الكورتيزون، دون تغيير في النظام العلاجي المتبع.
- الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض (DMARDs)
تعمل هذه الأدوية على تخفيف علامات تأثر المفاصل، وإبطاء تعرضها للتلف. يأتي على رأس هذه المجموعة دواء ميثوتريكسات Methotrexate.
يتميز ميثوتريكسات بالآتي:
- يظهر تحسن في الأعراض لدى المريض بمعدل سريع نسبيًا بعد 6-8 أسابيع من بداية العلاج.
- تكلفة مقبولة.
- آثار جانبية محتملة.
- سهولة الحصول على الجرعة عن طريق أقراص الفم أو حقن العضلي.
يُعد الميثوتريكسات شديد الفعالية كذلك مع العديد من أنواع التهاب المفاصل الأخرى مثل التهاب المفاصل الصدفي، والتهاب الفقرات التصلبي.
يوجد بعض الأدوية الأخرى التي تنتمي لهذه العائلة مثل:
- لفلونوميد Leflunomide.
- سلفاسالازين Sulfasalazine.
- العلاج البيولوجي
يُعد العلاج البيولوجي من الطرق الحديثة في علاج التهابات المفاصل المزمنة، يلجأ إليها الأطباء حينما لا تأتي العلاجات الأخرى نتائجها.
يعمل العلاج البيولوجي على منع جهاز المناعة من مهاجمة مفاصل الجسم، مما ينعكس على حالة المريض بشكلٍ كبير إذ يقل الألم و التورم، لكن على الجانب الآخر قد يجعله هذا أكثر عُرضة لالتقاط العدوى.
أمثلة على الأدوية البيولوجية:
- أداليموماب Adalimumab.
- الأبريميلاست Apremilast.
- سرتوليزوماب Certolizumab.
يسبب العلاج البيولوجي بعض الآثار الجانبية الموضعية مكان الحقن مثل تورم موضع الحقن أو احمراره، وهي آثار عادةً غير خطيرة.
قد يؤثر العلاج البيولوجي على صحة الكبد أو الكلى، أو يسبب الأنيميا، لذلك يحتاج المريض إلى إجراء فحوصات دم دورية للاطمئنان.
يلتزم المريض على العلاج البيولوجي مدة ثلاث أشهر، فإذا أظهرت الحالة تحسنًا، يواصل الكورس العلاجي كما سيخبره الطبيب، وإلا فقد يحتاج إلى تغيير نوع الدواء البيولوجي أو تجربة مدرسة علاجية أخرى.
علاج النقرس Gout
يعتمد مريض النقرس على مضادات الالتهاب لتسكين آلام نوبات النقرس، كما يمكن أن يصف له الطبيب الأدوية الستيرويدية كأقراص عن طريق الفم أو الحقن.
قد تساعد أقراص الكولشيسين على التخفيف من الالتهاب والألم خلال 24 ساعة من بداية نوبة النقرس.
يمكن كذلك الاعتماد على الأدوية التي تخفض مستوى حمض اليوريك في التقليل من حدة النوبات ومنع النوبات المستقبلية.
الأدوية التي تساعد على خفض مستويات حمض البوليك في الجسم لمنع أو تقليل نوبات النقرس المستقبلية:
- أقراص الوبيورينول.
- أقراص الفيبوكسوستات.
- حقن البيجلوتيكاز الوريدي.
3) الحمى الروماتيزمية Rheumatic fever
يهدف علاج الحمى الروماتيزمية إلى التخفيف مما يشعر به المريض، والتحكم في الالتهاب. تحتاج معظم الحالات إلى فترة طويلة تصل إلى 3 أشهر حتى تمام التعافي.
أدوية علاج الحمى الروماتيزمية:
- مسكنات الألم.
- حقن مضادات الالتهاب الستيرويدية في الحالات الشديدة.
- المضادات الحيوية.
4) الذئبة الحمراء Systemic lupus erythematosus
لا يوجد علاج حاسم يستطيع القضاء على مرض الذئبة الحمراء بصورة نهائية. تهدف العلاجات إلى تهدئة الأعراض لدى المريض. يأتي الاختلاف في الأنواع باختلاف الأماكن المصابة ومدى شدة الحالة.
أمثلة على أدوية الذئبة الحمراء:
- الأدوية المضادة للملاريا تستطيع هذه الأدوية التخفيف من شدة التورم والالتهاب، والحماية من نوبات الذئبة. من أشهر الأنواع الهيدروكسي كلوروكوين (بلاكوينيل) وفوسفات كلوروكوين (أرالين).
- كريمات تحتوي على كورتيزون لتهدئة آثار الذئبة على الجلد.
- مثبطات الخلايا المناعية B غير الطبيعية تستطيع منع عمل بروتين معين في الجسم مهم في الاستجابة المناعية.
- الأدوية المثبطة للمناعة في الحالات الشديدة فقط. يمكن أن تسبب هذه الأدوية آثارًا جانبية خطيرة لأنها تقلل من مناعة الجسم بشكل عام، وقدرته على مقاومة العدوى.
- أدوية أخرى لعلاج بعض الآثار الناتجة عن الإصابة بالذئبة مثل:
- أدوية علاج ضغط الدم المرتفع.
- أدوية الحماية من الجلطات.
- علاج هشاشة العظام.
5) تصلب الجلد Scleroderma
يحتاج مريض تصلب الجلد إلى أدوية عدة للحفاظ على الحالة في وضع الاستقرار، فإلى جانب مسكنات الألم والأدوية الاسترودية، يحتاج إلى إضافة واحدة أو أكثر من الأدوية التالية إلى بروتوكول العلاج:
- كريمات ومراهم الترطيب الموضعية للحفاظ على مرونة الجلد، ومنع شعور المريض بالحكة.
- أدوية للحفاظ على سلاسة انسياب الدورة الدموية.
- أدوية لعلاج أعراض أخرى مصاحبة لتصلب الجلد مثل علاج ضغط الدم المرتفع، و حرقة المعدة.
6) متلازمة شوغرن Sjögren’s syndrome
تكمن مشكلة مريض شوغرن في الجفاف الشديد في العين أو الفم، لذلك يحتاج هذا المريض إلى:
- قطرات مرطبة للعين للحفاظ عليها من الجفاف، وتخفيف الالتهاب مثل السيكلوسبورين.
- أدوية تساعد في زيادة إفراز اللعاب مثل سالاجين، لكنها قد تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية مثل التعرق، وآلام البطن، وزيادة معدل التبول.
ثانيًا العلاج الجراحي لأمراض الروماتيزم.
يمكن الاعتماد على أكثر من طريقة عند التدخل الجراحي لعلاج بعض الأمراض الروماتيزمية مثل رأب أو تثبيت المفصل، أو استئصال الغشاء المفصلي كما سنرى.
يعتمد اختيار الحل الأمثل على عدة عوامل منها:
- سن المريض.
- حالة المريض الصحية العامة.
- مهارة الجراح.
- توقعات المريض من الجراحة.
- مدى التزام المريض بالأدوية والعلاج الطبيعي.
تكمن مشكلة التهاب المفاصل الالتهابي، الذي يندرج تحته التهاب المفاصل الروماتويدي والصدفي، وآلام المفاصل المصاحبة للذئبة الحمراء وغيرهم في مهاجمة الجهاز المناعي للغضروف عن طريق الخطأ، والتعامل معه على أنه جسم غريب.
يؤدي ذلك إلى رد فعل من المفصل، إذ يبدأ الغشاء المبطن له المسؤول عن تغذية الغضروف والعمل على منع الاحتكاك في النمو بشكل مفرط وينتهي الأمر بتآكل الغضروف.
تشمل جراحات علاج هذا الأمر ثلاث طرق رئيسية:
- استئصال الغشاء الزليلي Synovectomy
تلائم هذه الطريقة الحالات التي تم اكتشافها مبكرًا، ولا يزال الغضروف لديها سليمًا. يتخلص الجراح من الغشاء متفاقم النمو عن طريق الجراحة التقليدية أو المنظار.
قد تعاود الأنسجة النمو مرة أخرى على مدار سنوات عديدة؛ مما يستدعي الخضوع للجراحة مرة ثانية.
- رأب المفصل Arthroplasty
تُقدم هذه الجراحة حلًا حقيقيًا دائمًا لمرضى التهاب المفاصل، فإذا كان الغضروف تآكل بشدة، يمكن لاستبدال المفصل أن يساعد المريض على التخلص من الألم بشكل كامل، بل وتقليل جرعات الأدوية ذات الآثار الجانبية المزعجة، إذا تم علاج أكثر المفاصل تلفًا.
تلائم هذه الجراحة مفاصل الركبة، أو الكتف، أو المرفق وتُعد أقل شيوعًا مع الرسغ أو الكاحل.
- إيثاق المفصل Arthrodesis
تُعد هذه الجراحة آخر الحلول المطروحة لمريض التهاب المفاصل. تعتمد على دمج المفصل ومنع حركته مما يُنهي شعور المريض بالألم. تلائم هذه الجراحات المفاصل قليلة الحركة مثل مفصل الكعب أو إصبع القدم الكبير.
ثالثًا العلاج الطبيعي لأمراض الروماتيزم
تأتي خطوة العلاج الطبيعي بعد أو دون الخضوع لإجراء جراحي. يهدف إلى تعليم المريض طرق جديدة لممارسة بعض المهام الحياتية دون الضغط على مفاصل الجسم، وكذلك تدريبات عامة للحفاظ على مرونة عضلات الجسم.
يمكن كذلك الاعتماد على الطرق التالية في علاج الروماتيزم:
- الكمادات الدافئة أو الباردة كما سيحدد لك الطبيب، لكن عادةً نعتمد على البرودة في نوبات الألم الحادة، والحرارة كعلاج مزمن وقبل التمرين.
- تحفيز الأعصاب بالكهرباء عبر الجلد.
- العلاج المائي.
- المساج وتدليك المفاصل.
في الختام تُعد الأمراض الروماتيزمية من الضيوف ثقيلة الظل على أصحابها، إذ تجبرهم في كثير من الأحيان على تغيير نظامهم الحياتي، لكن يمكن بفضل الالتزام بطرق العلاج الصحيحة أن نتجاوز هذا الأمر ونمارس أنشطتنا اليومية بطريقة طبيعية تمامًا.
اقرأ المزيد عن صحة العظام والمفاصل على موقع مستشفيات أندلسية
مشاركة المقال