الولادة الطبيعية والعناية بعد الولادة
الولادة الطبيعية هي الطريقة الأكثر أمانًا للولادة ما لم يُوصي الطبيب بغير ذلك، إذ ترتبط بسرعة التعافي بعد الولادة، وتتيح فرصة أفضل للبدء في الرضاعة الطبيعية، كما تقل معها فرص حدوث مضاعفات للأم والجنين، ومن خلال المقال سنوضح مزيدًا من المعلومات حول الولادة الطبيعية والعناية بعد الولادة.
الولادة الطبيعية والعناية بعد الولادة
الولادة الطبيعية أو كما تُعرف أيضًا بالولادة المهبلية يُقصد بها ولادة الطفل عبر المهبل بعد مرور 38 إلى 41 أسبوعًا من الحمل، ولا يمكن معرفة موعد حدوث المخاض بشكل قاطع، والمخاض هو عملية فسيولوجية لإخراج الجنين والأغشية المحيطة به والحبل السري والمشيمة من الرحم، وتشمل أعراضه:
- تقلصات أو شعور بالشد في الرحم ( وعادةً ما تزداد حدة التقلصات مع تطور المخاض وتكون على فترات منتظمة).
- خروج السدادة المخاطية (تجمعات مخاطية تتكون في عنق الرحم في بداية الحمل لمنع دخول البكتيريا إلى الرحم والوصول للطفل).
- آلام الظهر.
- الرغبة الملحة في الذهاب إلى الحمام، نتيجة ضغط رأس الطفل على المثانة والأمعاء.
- نزول ماء الولادة.
وعادةً ما تستمر المرحلة الأولى من المخاض من 10 إلى 14 ساعة خاصةً في الولادة الأولى حتى يتوسع عنق الرحم للحد الذي يسمح بخروج الطفل، وقد تتمدد عضلات المهبل بصورة كافية لخروج الطفل، أو قد يحتاج الطبيب لعمل شق في منطقة العجان (المنطقة بين المهبل والشرج) للسماح للطفل بالمرور.
ويُوجد ثلاث أنواع من الولادة الطبيعية، وهي:
- الولادة المهبلية العفوية (SVD): وهي الولادة التي تتم بشكل طبيعي دون استخدام أدوية وأي شكل من أشكال التدخل.
- الولادة المهبلية المُساعدة (AVD): تُعرف أيضًا باسم الولادة المهبلية الآلية، وفيها تُستخدم بعض الأدوات المتخصصة مثل جهاز الشفط، والملقط، وقد تتضمن أيضًا شق العجان.
الولادة المهبلية المحرضة (IVD): شكل من أشكال الولادة الطبيعية، ولكنه يتضمن تحريض أو حث المخاض باستخدام أدوية تُعطى للأم لبدء عملية المخاض.
العناية بعد الولادة الطبيعية
بغض النظر عن طريقة الولادة، فإن الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة من أهم الفترات التي يجب العناية فيها بالأم حتى لو كانت الولادة سهلة ومريحة، فإن الجسم مرّ بتغيرات كثيرة ويحتاج للراحة، لذا فإن فترة النفاس لا تقل أهمية عن فترة الحمل.
بعد الولادة، يصف الطبيب الأدوية التي تساعد على سرعة التعافي كالمضادات الحيوية والمسكنات وغيرها، ويجب الالتزام بتعليمات الطبيب لتجنب أي مضاعفات محتملة، وفيما يلي أهم النصائح للعناية بالجرح بعد الولادة الطبيعية وتسريع عملية الشفاء:
- العناية بمنطقة العجان: إذا قام الطبيب بعمل شق في منطقة العجان وخياطته جراحيًا فيجب العناية بهذه المنطقة بحرص، لمنع حدوث عدوى، وتساعد كمادات الثلج كل ساعتين خلال أول 24 ساعة بعد الولادة على تسكين الألم. يساعد أيضًا رش الماء الدافئ على المنطقة قبل وبعد التبول على منع تهيج الجراح بسبب البول، ويمكن الجلوس في ماء دافئ وإضافة المطهر المهبلي أو الغسول الذي يصفه الطبيب لمدة 20 دقيقة يوميًا لتخفيف الألم، وسرعة التئام الجرح، كما يُنصح بتجنب الوقوف والجلوس لفترات طويلة.
- تناول المسكنات: من الطبيعي الشعور بأوجاع في الجسم عامةً بعد الولادة وفي منطقة المهبل بصفة خاصة، وعادةً ما يصف الطبيب مسكنات مثل الأسيتامينوفين لتسكين الألم والذي يمكن تناوله بأمان مع الرضاعة الطبيعية، كذلك قد يساعد الحصول على حمام مائي دافئ على تسكين أوجاع الجسم.
- تجنب حدوث الإمساك: قد يستغرق الأمر وقتًا للتبرز بعد الولادة، ومع ذلك يجب عدم دفع البراز فقد يصاحب ذلك ألمًا شديدًا أو قد يؤثر في الغرز الجراحية في منطقة العجان، ويُنصح بتناول الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة وغيرها من الأطعمة الغنية بالألياف وشرب كمية وفيرة من الماء والسوائل (8 أكواب من الماء على الأقل يوميًا) لتعزيز حركة الأمعاء وتجنب الإمساك، أما إذا حدث الإمساك بالفعل فيجب استشارة الطبيب ليصف ملينًا مناسبًا.
- ممارسة تمارين كيجل: تساعد تمارين كيجل على استعادة شكل المهبل وتقوية عضلاته، وحل مشكلة سلس البول بعد الولادة، ويُنصح بالبدء فيها بمجرد أن تكون الأم قادرة على ذلك، وهي تمارين بسيطة تعتمد على شد عضلات المهبل (مثلما هو الحال عند شد عضلات المهبل لوقف عملية التبول) لمدة 3 ثوانِ، ثم إرخائها لمدة ثلاث ثوانِ أخرى، ويكرر التمرين في ثلاث مجموعات يوميًا كل مجموعة تتضمن 20 مرة.
- زيارة الطبيب: يجب المتابعة مع الطبيب بعد الولادة، ليتأكد أن الأمور على ما يرام بعد الولادة وأن الجرح التأم بشكل كامل، خاصًة في حال حدوث حمى، أو ألم حول شق العجان أو إفرازات صديدية.
- الحركة المستمرة: قد يصعب على الأم الحركة في الأيام الأولى، ومع ذلك يجب التحرك على قدر الإمكان والتجول في أرجاء المنزل، إذ يساعد المشي على التخلص من الغازات والإمساك ويسرع من التعافي من خلال تنشيط الدورة الدموية وتقوية العضلات، بالإضافة إلى أنه يعزز الحالة المزاجية.
- تغيير الفوط الصحية بشكل منتظم: تزداد غزارة نزول الدم في فترة النفاس في الولادة الطبيعية مقارنةً بالقيصرية، ويجب تغيير الفوط الصحية والملابس الداخلية بانتظام، وارتداء ملابس داخلية قطنية فضفاضة ومريحة.
وإلى جانب النصائح السابقة، يجب الاستعداد للرضاعة الطبيعية وارتداء حمالات صدر مريحة، واستخدام كريمات لترطيب الحلمة ومنع تشققها، ووضع كمادات دافئة على الثدي لتخفيف احتقانه.
ما هي الولادة الطبيعية بدون ألم؟
مؤخرًا أصبحت الولادة بدون ألم هي الخيار المفضل لكثير من السيدات طالما أن الوضع الصحي ووضع الجنين يسمح بذلك، والولادة بدون ألم تتم عن طريق استخدام شكل من أشكال التخدير الذي يساعد على تخفيف الألم في أثناء المخاض الطبيعي، وعادةً ما يتم عن طريق التخدير فوق الجافية من خلال حقنة في أسفل ظهر الأم. يستغرق الدواء حوالي 10-15 دقيقة حتى يصبح ساري المفعول، وتُعد الولادة بدون ألم خيارًا جيدًا للنساء ذوات القدرة المنخفضة على تحمل الألم، أو اللائي يفضلنّ إجراء عملية ولادة قيصرية لتجنب الشعور بالألم.
كيف يتم التخدير فوق الجافية؟
- سيطلب الطبيب من الأم الجلوس بثبات مع حني الظهر قليلًا للأمام لإعطاء حقنة الإيبيدورال.
- بعدها سيدخل الطبيب أنبوبًا رفيعًا في الجزء السفلي من الحبل الشوكي، ثم يدخل القسطرة من خلاله حتى يمكن إعطاء التخدير فوق الجافية في أثناء المخاض.
- يتم إعطاء التخدير فوق الجافية بمجرد أن تكون الأم في مرحلة المخاض النشط، ويعمل عن طريق تخدير منطقة الحوض بينما تظل الأم واعية.
ومع ذلك، فإن الحقن فوق الجافية لا يخفف الألم بنسبة 100%، ومصطلح الولادة بدون ألم ليس دقيقًا، لكن يساعد التخدير على تقليل الألم بشكل كبير.
ما مدة التئام جرح الولادة الطبيعية؟
تختلف سرعة تعافي المهبل بعد الولادة وفقًا لعدة عوامل منها حالة الأم الصحية، وكيف جرت الولادة وغيرها، وعادةً ما يحتاج التعافي من ثلاثة إلى خمسة أسابيع في حالة عدم حدوث أي تمزق، وحوالي ستة أسابيع في حالة وجود شق في منطقة العجان.
وبصفة عامة يختلف الأمر من امرأة لأخرى، فالبعض يتعافى بعد أسبوع، بينما قد يحتاج البعض لعدة أسابيع، لذا من المهم اتباع تعليمات الطبيب والعناية الجيدة بالجرح واستشارة الطبيب في حالة ظهور أي أعراض مقلقة كالحمى والنزيف الشديد أو وجود قيح أو روائح كريهة في الجرح.
ما أهم مضاعفات الولادة الطبيعية؟
كما ذكرنا، فإن الولادة الطبيعية هي الخيار الأكثر أمانًا للولادة وترتبط بمضاعفات أقل مقارنةً بالولادة القيصرية، ومع ذلك فقد يصاحب الولادة الطبيعية بعض المضاعفات، والتي منها:
- تمزق الأنسجة حول المهبل: في معظم الأحيان يتمزق المهبل والأنسجة المحيطة به في أثناء الولادة، وعادةً ما تلتئم الأنسجة بعد الولادة بشكل طبيعي، ولكن في بعض الحالات، تكون التمزقات أعمق وقد تحتاج إلى غرز، وقد يتسبب ذلك في إضعاف عضلات المهبل، ما يتسبب في مشكلات مستقبلية مثل سلس البول.
- النزيف المفرط: إذا نتج عن الولادة تمزقات في الرحم أو إذا لم ينقبض الرحم لإخراج المشيمة، فقد يؤدي ذلك إلى نزيف حاد، ما يُعرف بنزيف ما بعد الولادة وهو سبب رئيسي لوفيات الأمهات في عديد من البلدان.
- تسمم الحمل: قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم المفاجئ في أثناء المخاض إلى حدوث تسمم الحمل، والذي يكون أكثر شيوعًا إذا كان ضغط الأم مرتفعًا في أثناء الحمل.
- تمزق الأغشية المبكر: إذا نزل ماء الرحم قبل 34 أسبوعًا من الحمل، فهذا يُعرف باسم تمزق الأغشية المبكر، وقد يتسبب في إصابة الطفل بالعدوى أو مزيد من المضاعفات.
- المخاض المبكر: المخاض المبكر يعني أن الأم ستدخل في المخاض قبل الأسبوع 37 من الحمل، أي قبل أن تطور أعضاء الطفل بشكل كامل. يحتاج المخاض قبل الأوان إلى تدخلات خاصة للطفل، مثل وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU).
- تعفن الدم بعد الولادة: تحدث عدوى الرحم بشكل شائع بعد الولادة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، ومرض السكري. يصاحب عدوى الرحم إفرازات مهبلية كريهة الرائحة وحمى شديدة، وقد تنتهي الأم مع تعفن الدم، وهي حالة خطيرة مهددة للحياة.
- هبوط الرحم: تدلي أو هبوط الرحم من المضاعفات التي قد تحدث مع الولادات الطبيعية المتكررة، نتيجة ضعف عضلات الحوض فينزل الرحم إلى القناة المهبلية وقد يبرز منه جزء خارج المهبل.
كذلك قد يصاحب الولادة الطبيعية مضاعفات أخرى مثل: إصابة الرحم، وإصابة الطفل وجلطات الدم، وتشمل عوامل الخطر التي قد تزيد من حدوث مضاعفات في الولادة الطبيعية ما يلي:
- كبر حجم الجنين.
- وجود الجنين في وضع خاطئ.
- فقر الدم.
- إصابة الأم بأمراض معدية مثل الهربس التناسلي النشط أو فيروس نقص المناعة البشرية.
- نزول الماء قبل بدء الانقباضات.
- داء السكري.
- إصابة الأم باضطرابات النزيف.
- أمراض الرئة أو القلب.
- ضغط الدم المرتفع.
- وضع المشيمة فوق عنق الرحم - المشيمة المنزاحة.
- انفصال المشيمة المبكر عن جدار الرحم.
- انزلاق الحبل السري من قناة الولادة قبل رأس الطفل - تدلي الحبل السري.
ختامًا، قدمنا من خلال المقال أهم المعلومات حول الولادة الطبيعية والعناية بعد الولادة، ومن المهم المتابعة مع الطبيب طوال فترة الحمل، لأنه فقط من يستطيع تحديد الخيار الأفضل للولادة وفقًا لحالة الأم ووضع الجنين.
مشاركة المقال