ما هو مرض التليف الكيسي؟ وهل هو مميت؟
لا تلقى الأمراض الناجمة عن الطفرات الجينية والحالات الوراثية اهتمامًا كبيرًا، خاصةً أنها في معظم الحالات تكون نادرة، وعدد الإصابات بها قليل مقارنةً بالأمراض المٌعدية والفسيولوجية، ومع ذلك فإن مضاعفات هذه الأمراض وارتباطها بزيادة معدل الوفاة زادت من التوعية بها خلال السنوات الأخيرة، ومن خلال المقال نتعرف إلى واحد من الأمراض الوراثية وهو التليف الكيسي، وأبرز أعراضه ونصائح للتعايش معه.
ما هو مرض التليف الكيسي؟
التليف الكيسي هو حالة وراثية تؤدي إلى تراكم المخاط اللزج في الممرات والقنوات الموجودة في الرئتين والجهاز الهضمي، ما يسبب التهابات الرئة ومشكلات في هضم الطعام.
يؤثر التليف الكيسي في عديد من أعضاء الجسم المختلفة، ما يجعل الأشخاص المصابين به أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية أخرى بما في ذلك:
- مرض السكري.
- تليف الكبد.
- التهاب المفاصل.
- فرط نشاط الطحال.
- هشاشة العظام.
- كورونا COVID-19.
تبدأ الأعراض عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة وتختلف من طفل لآخر، وتزداد سوءًا بمرور الوقت نتيجة تضرر الرئتين والجهاز الهضمي بشكل متزايد.
على الرغم من أن التليف الكيسي يتطلب رعاية يومية، فإن الأشخاص المصابين به عادةً ما يكونون قادرين على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
يتوافر عديد من العلاجات التي تساعد على تقليل حدة الأعراض والمشكلات التي يسببها التليف الكيسي وتحسين نمط حياة المريض.
ما هي فسيولوجيا وطبيعة مرض التليف الكيسي؟
يؤثر التليف الكيسي في الخلايا التي تنتج المخاط والعصارة الهضمية نتيجة طفرة جينية، فتصبح هذه الإفرازات سميكة ولزجة أشبه بالصمغ، وقد تتسبب فيما يلي:
- انسداد الممرات الهوائية، ما يسبب صعوبة التنفس وقد يؤدي إلى تلف الرئة.
- تراكم الميكروبات (يعمل المخاط اللزج على حبسها ادخل القنوات والممرات في أعضاء الجسم)، ما يزيد من احتمالية العدوى.
- انسداد قنوات البنكرياس، ما يسبب منع الإنزيمات اللازمة لهضم الطعام من الوصول للأمعاء، وهو ما يقلل بدوره من قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
ما هي أسباب التليف الكيسي؟
التليف الكيسي هو مرض وراثي، أي أن الأشخاص المصابين به يرثون جينين معيبين من الأب والأم.
إذا كان لدى الشخص نسخة واحدة فقط من الجين المعيب، فإنه لا يُصاب بالتليف الكيسي ولكن "يحمله"، ولكي يُصاب الطفل بالتليف الكيسي، يجب أن يحمل كلا الوالدين الجين المعيب (هذا يعني أنه ليس بالضرورة أن يكونا مصابين بالمرض، ولكن يكفي أن يكونا حاملين له لينتقل للطفل).
إذا كان كل من الأب والأم حاملًا للجين المعيب، وليس مصابًا بالمرض فهناك احتمالية بنسبة 25% أن يُصاب الطفل بالمرض، هذا يعني أنه قد يُصاب الشخص بالتليف الكيسي دون أن يكون لديه تاريخ عائلي للإصابة به.
ما هي أبرز أعراض التليف الكيسي؟
يؤثر التليف الكيسي بشكل رئيسي في الرئتين ويسبب أعراضًا تنفسية، مثل:
- أزيز.
- ضيق في التنفس.
- سعال مستمر، غالبًا ما يكون مصحوبًا بمخاط لزج أو دم.
- تكرار عدوى الجهاز التنفسي، مثل: الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية، نتيجة تراكم المخاط في الممرات الهوائية، ما يساعد على نمو البكتيريا.
- التهابات الجيوب الأنفية المتكررة.
يرتبط التليف الكيسي أيضًا بأعراض هضمية، ومنها:
- وجع البطن.
- الإمساك.
- إسهال.
- براز دهني كريه الرائحة.
تشمل الأعراض الأخرى للتليف الكيسي ما يلي:
- السلائل الأنفية، وهي عبارة عن زوائد لحمية صغيرة داخل الأنف.
- الجلد المالح.
- زيادة التعرق خاصةً ليلًا.
- حمى.
- يرقان.
- آلام المفاصل والعضلات.
- انخفاض وزن الجسم.
- تأخر البلوغ.
- عقم الذكور نتيجة انسداد قنوات الحيوانات المنوية.
- نمو محدود (نتيجة سوء امتصاص بعض العناصر الغذائية).
- تعجر الأصابع (زيادة حجم أطراف أصابع اليدين والقدمين).
- انسداد الأمعاء عند الأطفال.
إعرف أكثر عن أهم سبب لضيق التنفس مع د أحمد سلامة صدقة - استشاري الأمراض الصدرية ومناظير الرئة من خلال الفيديو:
كيفية تشخيص التليف الكيسي للنساء
تشمل اختبارات التليف الكيسي إلى جانب الفحص السريري والتحقق من التاريخ الطبي للمريضة أو المريضة ما يلي:
- اختبار العرق؛ لقياس كمية كلوريد الصوديوم، تشير الكميات الأعلى من المعتاد إلى التليف الكيسي.
يمكن للطبيب أن يوصي باختبارات أخرى حسب الأعراض وقد تشمل:
- الأشعة السينية لتصوير الصدر والجيوب الأنفية.
- الموجات فوق الصوتية.
- الأشعة المقطعية.
- اختبار وظائف الرئة.
- اختبار التربسينوجين المناعي (IRT).
- فحص البلغم.
- اختبار الحمض النووي للبحث عن الطفرات في جين CFTR، والتي تسبب التليف الكيسي.
في بعض البلدان يُشخص التليف الكيسي عن طريق فحص عينة دم تؤخذ من كعب الأطفال حديثي الولادة.
ما هو علاج مرض التليف الكيسي؟
لا يُوجد علاج حاليًا لمرض التليف الكيسي، ولكن تهدف الخطة العلاجية التي يضعها الطبيب لتخفيف الأعراض المصاحبة له وتحسين نمط حياة المريض، وتقليل خطر حدوث المضاعفات، وزيادة العمر المتوقع للمريض.
يركز العلاج في الأساس على إبقاء الممرات الهوائية نظيفة حتى يتمكن المريض من التنفس بشكل طبيعي، ولمنع نمو البكتيريا على الإفرازات المخاطية وتكرار العدوى، ويمكن ذلك عن طريق ما يلي:
- تعلم طرق خاصة للسعال والتنفس.
- ارتداء سترات مخصصة تعمل بالاهتزاز لتفكيك المخاط.
- الجلوس والنوم في وضعيات معينة تساعد على تصريف المخاط.
- التربيت على ظهر المريض أو صدره بطريقة معينة حتى يتحرك المخاط اللزج في الممرات الهوائية.
سيصف الطبيب أيضًا أدوية للأعراض التنفسية، والتي تشمل:
- أدوية لتهدئة السعال وتصريف المخاط.
- المضادات الحيوية؛ لعلاج التهابات الرئة.
- المستنشقات لإزالة المخاط من الأنف.
- موسعات الشعب الهوائية المستنشقة؛ لتسهيل التنفس عن طريق فتح الممرات الهوائية وإرخائها.
- الأدوية المضادة للالتهابات، بما في ذلك مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
- جهاز ضغط الزفير الإيجابي: وهو جهاز يدعم تدفق الهواء ويساعد على إخراج المخاط من الممرات الهوائية.
- المحلول الملحي المعقم، لإزالة الإفرازات المخاطية من مجرى الهواء.
قد يصف الطبيب أيضًا لعلاج الأعراض الهضمية:
- أدوية مهضمة.
- ملينات لعلاج الإمساك.
جراحات لعلاج التليف الكيسي:
قد يحتاج الطبيب للتدخل الجراحي خاصةً في حالة حدوث مضاعفات، وتشمل جراحات التليف الكيسي ما يلي:
- جراحات الأنف والجيوب الأنفية.
- إزالة انسداد الأمعاء جراحيًا.
- جراحات الزرع، وتشمل زراعة الأعضاء التي تضررت بشدة، مثل: الرئة والكبد.
كيفية الوقاية من الاصابة بمرض التليف الكيسي؟
لا تُوجد وسيلة للوقاية من الإصابة بمرض التليف الكيسي؛ لأنه يحدث بسبب طفرة جينية موروثة، وإذا كان الزوجان يخططان للإنجاب ولدى أحدهما أو كليهما تاريخ وراثي من الإصابة بالمرض فيجب استشارة الطبيب ومناقشة الأمر معه.
يمكن فحص الجنين للتحقق من إصابته بالتليف الكيسي في الأسبوع الـ 10 إلى 12 من الحمل. يساعد الكشف المبكر عن التليف الكيسي على تأهيل الأبوين للتعامل مع حالة الطفل بمجرد الولادة، ما يساعد على تحسين نمط حياته وتجنب المضاعفات.
ما هي مضاعفات مرض التليف الكيسي؟
قد يصاحب مرض التليف الكيسي مضاعفات خطيرة، خاصةً إذا لم يلتزم المريض بالمتابعة الطبية، وتشمل المضاعفات المحتملة له:
- مشكلات الرئة الخطيرة وعلى رأسها الالتهاب الرئوي وتلف أنسجة الرئة.
- فشل الجهاز التنفسي.
- التهاب البنكرياس المزمن.
- تليف وأمراض الكبد.
- سوء التغذية الشديد (نتيجة سوء امتصاص الفيتامينات).
- العقم عند الرجال.
- ارتجاع الحامض المعدي والذي قد ينتهي بمضاعفات خطيرة مثل: قرحة المريء.
- انسداد الأمعاء (بسبب الإفرازات السميكة).
- حصوات وعدوى الكلى.
- صعوبة الحمل عند النساء نتيجة زيادة لزوجة عنق الرحم، ما يصعب مرور الحيوانات المنوية.
- هشاشة العظام.
- حصوات المرارة.
- اليرقان.
- استرواح الصدر.
- توسع القصبات (حالة رئوية مزمنة قد تؤدي لتندب الشعب الهوائية).
- السكري.
- انخفاض ضغط الدم الشديد نتيجة اختلال توازن المعادن في الدم.
- الانغلاف المعوي (حالة ينزلق فيها جزء من الأمعاء ليدخل إلى جزء مجاور من الأمعاء أيضًا، لتشبه التلسكوب).
- الجفاف خاصةً في الأجواء الحارة أو مع الإصابة بالإسهال.
ومع ذلك يمكن لعديد من الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي أن يتجنبوا هذه المضاعفات عن طريق الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة بانتظام.
نصائح للتعايش مع مرض التليف الكيسي
أصبح التعايش مع التليف الكيسي أكثر سهولة عن ذي قبل، ويمكن للمريض ممارسة حياته بشكل طبيعي، عن طريق التحكم في الأعراض ومنع مضاعفاته، وتساعد النصائح التالية على التعايش مع التليف الكيسي:
- تلقي اللقاحات التي يوصي بها الطبيب؛ لتجنب مخاطر العدوى، مثل: لقاح الإنفلونزا، والمكورات الرئوية، ولقاحات كورونا.
- الحرص على النظافة الشخصية وغسل اليدين بانتظام.
- اتباع نظام غذائي غني بالدهون وتناول مكملات الفيتامينات لتجنب سوء التغذية الناجم عن مشكلات الامتصاص المصاحبة لمرض التليف الكيسي.
- زيادة السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا؛ لتجنب فقدان الوزن غير المرغوب، كما أن مريض التليف الكيسي يحتاج طاقة أكثر من الأشخاص الآخرين لمحاربة التهابات الرئة والحفاظ على قوّته. تحتاج الإناث للحصول على 2500-3000 سعرة حرارية في اليوم، بينما يحتاج الذكور إلى 3000-3.700 سعرة حرارية في اليوم.
- زيادة تناول الأطعمة المالحة، قد يحتاج الأشخاص المصابون بالتليف الكيسي إلى تناول مزيد من الملح لمواجهة نقص الصوديوم الناجم عن التعرق، وسيوصي الطبيب بكمية الملح المناسبة التي يحتاجها المريض يوميًا.
- تناول مكملات إنزيمات البنكرياس، يحتاج حوالي 80-90% من المصابين بالتليف الكيسي إلى هذه المكملات، وذلك لأن التليف الكيسي يمنع البنكرياس من صنع الإنزيمات اللازمة لهضم الطعام.
في مجمل القول، فإن التليف الكيسي من الأمراض التي قد تؤثر في حياة المريض بشكل كبير، ومع ذلك فإن التعامل المبكر مع الحالة والالتزام بتعليمات الطبيب قد يساعد المريض على التعايش مع الأعراض وتجنب تفاقمها، ومن المهم في حالة وجود تاريخ عائلي إجراء فحص التليف الكيسي في حالة التخطيط للحمل.
الأسئلة الشائعة
هل التليف الكيسي معدي؟
هل مرض التليف الكيسي مميت؟
مشاركة المقال