ما أعراض مرض التصلب الجانبي الضموري؟ وما أهم أسبابه؟
التصلب الجانبي الضموري هو نوع من أمراض الخلايا العصبية الحركية يسبب خللًا في الأعصاب التي تتحكم في حركة العضلات، ما يؤدي إلى ضعف العضلات وضمورها، وعلى الرغم أنه يؤثر في 2 إلى 5 أشخاص من كل 100.000 شخص على مستوى العالم، فإنه مرض له مضاعفات خطيرة، ومؤخرًا زادت التوعية بمرض التصلب الجانبي الضموري والأبحاث التي تستهدف علاجات فعالة له، وفي السطور التالية سنتعرف إلى أهم أسباب هذا المرض، وأعراضه، وكيفية التعايش معه.
ما مرض التصلب الجانبي الضموري؟
مرض التصلب الجانبي الضموري - Amyotrophic Lateral Sclerosis - ALS، هو النوع الأكثر شيوعًا من أمراض الخلايا العصبية الحركية (MND)، ويُطلق عليه أحيانًا مرض لو جيرج Lou Gehrig، على اسم لاعب البيسبول الشهير الذي أُصيب بهذه الحالة في الأربعينيات.
مرض التصلب الجانبي الضموري هو مرض تدريجي، ما يعني أنه يزداد سوءًا بمرور الوقت، وفي البداية يهاجم المرض الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي التي تتحكم في الحركات العضلية الإرادية (التي يمكن التحكم فيها مثل حركات الوجه والذراعين والساقين) والمعروفة باسم الخلايا العصبية الحركية. مع تقدم المرض، تتدهور هذه الخلايا وتموت، وتتوقف عن إرسال الرسائل العصبية إلى العضلات، حتى يفقد المخ القدرة على التحكم في الحركات الإرادية وتضعف العضلات تمامًا وتتيبس حتى تصل لمرحلة الضمور.
ومع الوقت يؤثر مرض التصلب الجانبي الضموري في جميع العضلات الإرادية، ويفقد المريض القدرة على التحكم في أذرعه ووجهه وساقيه، وفي النهاية يفقد الأشخاص المصابون بالتصلب الجانبي الضموري التحكم في الحجاب الحاجز وعضلات الصدر، ولا يتمكنون من التنفس من تلقاء أنفسهم ويحتاجون إلى استخدام جهاز التنفس.
ويُعد الفيزيائي "ستيفن هوكينج" من أشهر من شُخصوا بمرض التصلب الجانبي الضموري، وتشير الإحصاءات إلى أن نصف المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري يعيشون لمدة ثلاث سنوات أو أكثر بعد التشخيص، وقد يعيش البعض لفترة أطول تصل لخمس أو عشر سنوات، ويعيش 5% من مرضى التصلب الجانبي الضموري لمدة تصل لـ 20 عامًا. ويمكن لمريض التصلب الجانبي الضموري التفكير والتعلم، لأن الحواس كالبصر والشم والسمع والتذوق واللمس لا تتأثر بالمرض.
ما أسباب مرض التصلب الجانبي الضموري؟
لا يُعرف سبب الإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري، ولا يعرف العلماء بعد لماذا يصيب التصلب الجانبي الضموري بعض الأشخاص دون غيرهم، ومع ذلك، تشير الدلائل العلمية إلى أن الجينات والبيئة يلعبان دورًا في تنكس الخلايا العصبية الحركية وتطور مرض التصلب الجانبي الضموري، إذ وجد العلماء أن بعض الطفرات الجينية مرتبطة ببعض حالات التصلب الجانبي الضموري المتوارثة في العائلات (5%- 10% من الحالات تُورث في العائلات).
كذلك وجد العلماء أن بعض العوامل البيئية قد تزيد من خطر الإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري، والتي منها:
- التعرض للسموم والمعادن الثقيلة.
- النشاط البدني الشاق (يحدث بشكل شائع للرياضيين والمحاربين).
ومع ذلك بالنسبة لغالبية حالات التصلب الجانبي الضموري (90%-95%) فلا يُعرف السبب ورائها، وتشمل الأسباب المحتملة الأخرى لـمرض التصلب الجانبي الضموري ما يلي:
- استجابة مناعية غير منظمة: قد يهاجم الجهاز المناعي بعض خلايا الجسم، وربما يقتل الخلايا العصبية.
- اختلال التوازن الكيميائي: وجدت الأبحاث أن الأشخاص المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري قد يكون لديهم مستويات أعلى من الجلوتامات، وهو ناقل كيميائي في الدماغ بالقرب من الخلايا العصبية الحركية (الجلوتامات بكميات كبيرة يكون سامًا للخلايا العصبية).
ما أعراض التصلب الجانبي الضموري؟
قد تبدأ أعراض التصلب الجانبي الضموري بشكل غير ملحوظ إذ تتشابه أعراضه المبكرة مع عديد من الحالات الأخرى، وعادةً ما يتغاضى معظم المرضى عن الأعراض الأولية حتى تتطور إلى ضعف وضمور واضح، وتشمل الأعراض المبكرة للمرض ما يلي:
- تشنجات عضلية في الذراع أو الساق أو الكتف أو اللسان.
- عضلات مشدودة وصلبة.
- ضعف العضلات الذي يؤثر في الذراع أو الساق أو الرقبة أو الحجاب الحاجز.
- تلعثم في الكلام.
- صعوبة في المضغ أو البلع.
- التعثر والسقوط أو إسقاط الأشياء.
- صعوبة رفع الرأس أو إبقائها مستقيمة.
- زيادة اللعاب والبلغم.
- فقدان الوزن السريع (يحرق مرضى التصلب الجانبي الضموري مزيدًا من السعرات الحرارية عن المعدل الطبيعي).
- نوبات من الضحك أو البكاء لا يمكن السيطرة عليها، ما يُعرف بالضعف العاطفي، يمكن أن يسبب الضعف العاطفي تقلبات في المزاج والاستجابة العاطفية.
تظهر العلامات الأولى للمرض عادةً في اليد أو الذراع كصعوبة في أداء المهام البسيطة مثل غلق الأزار أو الكتابة، أو تحريك المفتاح داخل القفل وغيرها، كذلك قد تؤثر الأعراض في البداية في ساق واحدة، فيعاني المريض من صعوبة عند المشي أو الجري، أو قد يتعثر كثيرًا. مع تقدم المرض، ينتشر ضعف العضلات وضمورها إلى أجزاء أخرى من الجسم. قد يعاني الأفراد من مشكلات في البلع والمضغ (عسر البلع) والتحدث أو تكوين الكلمات (عسر الكلام) والتنفس (عسر أو ضيق التنفس). على الرغم من أن تسلسل الأعراض ومعدل تطور المرض قد يختلف من شخص لآخر، فلن يتمكن الأفراد في النهاية من الوقوف، أو المشي، أو الصعود إلى السرير، أو النهوض منه بمفردهم، أو استخدام أيديهم.
نظرًا لأن الأشخاص المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري عادةً ما يمكنهم أداء عمليات عقلية مثل التفكير والتذكر والفهم وحل المشكلات بشكل طبيعي، فإنهم يكونوا على دراية بفقدان وظائفهم التدريجي وقد يصابون بالقلق والاكتئاب. قد تواجه نسبة صغيرة من الأفراد مشكلات في اتخاذ القرار، وهناك بعض الأبحاث تشير إلى أن البعض قد يُصاب بنوع من الخرف بمرور الوقت يسمى الخَرَف الجبهي الصدغي.
يفقد الأفراد المصابون بمرض التصلب الجانبي الضموري في النهاية القدرة على التنفس من تلقاء أنفسهم ويجب أن يعتمدوا على جهاز التنفس الصناعي. يواجه الأفراد المصابون أيضًا خطرًا متزايدًا للإصابة بالالتهاب الرئوي خلال المراحل المتأخرة من المرض. لا تتأثر العضلات اللاإرادية، مثل تلك التي تتحكم في ضربات القلب، والجهاز الهضمي، والأمعاء، والمثانة، والوظائف الجنسية بشكل مباشر في مرض التصلب الجانبي الضموري، كذلك الحواس، مثل الرؤية، والسمع، واللمس.
من المعرض للإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري؟
مرض التصلبي الجانبي الضموري هو مرض عصبي عضلي شائع في جميع أنحاء العالم، ويؤثر في الأشخاص من جميع الأجناس والخلفيات العرقية. تتضمن عوامل خطر الإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري ما يلي:
- السن: على الرغم أن المرض يمكن أن يصيب الأشخاص في أي فئة عمرية، فإن الأعراض تتطور بشكل شائع بين سن 55 و 75.
- الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري (حوالي 60٪ من المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري هم من الذكور)، ومع ذلك مع التقدم في العمر، يختفي الفرق بين الرجال والنساء وتتساوى فرص الإصابة به بين الجنسين.
- السلالة والعرق: تزداد فرص الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري في القوقازيين، وتشير بعض الدراسات إلى أن قدامى المحاربين العسكريين أكثر عرضة للإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري بحوالي 1.5 إلى 2 مرة. على الرغم من أن سبب ذلك غير واضح، فإن عوامل الخطر المحتملة للمحاربين القدامى تشمل التعرض للرصاص ومبيدات الآفات والسموم البيئية الأخرى.
- العائلات: حوالي 5 إلى 10 بالمائة من جميع حالات التصلب الجانبي الضموري هي عائلية، ما يعني أن الفرد يرث المرض من أحد الوالدين.
كيف يتم تشخيص مرض التصلب الجانبي الضموري؟
لا يوجد اختبار واحد يوفر تشخيصًا نهائيًا لمرض التصلب الجانبي الضموري، ويتم تشخيص المرض بشكل أساسي بناءً على التاريخ التفصيلي للأعراض التي يلاحظها الطبيب في أثناء الفحص البدني، جنبًا إلى جنب مع مراجعة التاريخ الطبي الكامل للفرد، وسلسلة من الاختبارات والفحوص لاستبعاد الأمراض الأخرى، وقد تساعد بعض الفحوص الطبية على تشخيص مرض التصلب الجانبي الضموري، وتشمل:
- تخطيط كهربية العضل (EMG): هو اختبار لقياس النشاط الكهربائي لألياف العضلات ويساعد على تشخيص التصلب الجانبي الضموري.
- اختبار توصيل العصب (NCS): يقيس هذا الاختبار النشاط الكهربائي للأعصاب والعضلات من خلال تقييم قدرة العصب على إرسال إشارة على طول العصب أو إلى العضلات.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): وفيه يُستخدم المجال المغناطيسي وموجات الراديو لإنتاج صور مفصلة للدماغ والحبل الشوكي.
- الخزعة العضلية: قد يحتاج الطبيب لإجراء خزعة عضلية لاستبعاد ما إذا كان الشخص يعاني من مرض عضلي غير التصلب الجانبي الضموري، وتتم تحت التخدير الموضعي عن طريق إزالة عينة صغيرة من العضلات وإرسالها إلى المختبر لتحليلها.
كيف يُعالج مرض التصلب الجانبي الضموري؟
لا يُوجد علاج لمرض التصلب الجانبي الضموري، ولا يمكن عكس الأضرار التي لحقت بالخلايا العصبية الحركية، ومع ذلك، قد تساعد العلاجات على السيطرة على الأعراض، ومنع المضاعفات، وتسهيل التعايش مع المرض، وتتضمن خطة العلاج الجمع بين عدة تخصصات لتوفير العلاج الجسدي، والنفسي للمريض هذا بالإضافة للرعاية المنزلية التي قد تتطلب خدمة تمريض محترف. وتشمل العلاجات الدوائية المصرح بها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لمرض التصلب الجانبي الضموري ما يلي:
- الريلوزول- Riluzol: هو دواء يُؤخذ عن طريق الفم، ويُعتقد أنه يقلل من تلف الخلايا العصبية الحركية عن طريق خفض مستويات الجلوتامات، التي تنقل الرسائل بين الخلايا العصبية والخلايا العصبية الحركية. أظهرت التجارب السريرية التي أُجريت على الأشخاص المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري أن ريلوزول قد يطيل بقاء المريض على قيد الحياة لبضعة أشهر.
- الإيدارافون- Edaravone: هو دواء يُؤخذ عن طريق الوريد وقد ثبت أنه يبطئ من تدهور حالة الأشخاص المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري. قد يصف الأطباء أيضًا بعض الأدوية للمساعدة في التحكم في أعراض التصلب الجانبي الضموري، بما في ذلك تقلصات العضلات وتيبسها، واللعاب الزائد والبلغم، ونوبات البكاء والضحك اللاإرادية أو التي لا يمكن السيطرة عليها أو غيرها من الأعراض العاطفية. تتوافر أدوية أيضًا لمساعدة الأفراد الذين يعانون من الألم والاكتئاب واضطرابات النوم والإمساك.
أما خيارات العلاج الأخرى فتشمل:
- العلاج الطبيعي والوظيفي: قد يعزز العلاج الطبيعي والمعدات الخاصة قدرة الفرد على التعايش مع التصلب الجانبي الضموري. تساعد بعض التمارين الخفيفة مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات الثابتة على تقوية العضلات غير المصابة، وقد تساعد تمارين التمدد على منع التشنج المؤلم وتقلص العضلات، وقد تحتاج الحالات التي يفقد فيها المريض القدرة على التحرك أجهزة مثل الدعامات والمشايات والكراسي المتحركة.
- علاج التواصل: قد يستفيد الأشخاص المصابون بمرض التصلب الجانبي الضموري والذين يجدون صعوبة في التحدث من العمل مع معالج للنطق، والذي يمكنه تعليم المريض طرق للتحدث بصوت أعلى وأكثر وضوحًا. مع تقدم التصلب الجانبي الضموري، يمكن لمعالجي النطق مساعدة المرضى على الحفاظ على القدرة على التواصل.
- علاج صعوبة التغذية: يحتاج المريض أيضًا إلى نظام غذائي خاص يتضمن وجبات صغيرة على مدار اليوم وتجنب الأطعمة التي يصعب ابتلاعها. قد يحتاج بعض المرضى لاستخدام أجهزة الشفط لإزالة السوائل الزائدة أو اللعاب ومنع الاختناق. عندما يتعذر على المريض تناول الطعام، قد ينصح الطبيب بإدخال أنبوب تغذية، ما يقلل من خطر الاختناق والالتهاب الرئوي الذي يمكن أن ينجم عن استنشاق السوائل في الرئتين.
- علاج صعوبة التنفس: عندما تبدأ العضلات المسؤولة عن التنفس في الضعف، قد يعاني المريض من ضيق في التنفس في أثناء النشاط البدني وصعوبة في التنفس ليلاً أو عند الاستلقاء، وقد يحتاج إلى التهوية غير الجراحية (NIV) لدعم التنفس، وهي عبارة عن قناع فوق الأنف أو الفم أو كليهما. في البداية قد تكون هذه الطريقة ضرورية فقط في أثناء الليل، ولكن مع تطور الحالة قد يحتاجها المريض على مدار اليوم، تساعد هذه الطريقة على تحسين نمط الحياة للمريض. مع تقدم المرض، قد يحتاج المريض إلى أجهزة تنفس تقوم بملء الرئتين وتفريغها. قد يضع الطبيب أنبوبًا للتنفس عن طريق الفم أو عن طريق إدخال أنبوب عبر ثقب جراحي في مقدمة الرقبة يؤدي إلى القصبة الهوائية (فغر الرغامي). على الرغم من أن دعم التهوية يمكن أن يخفف من مشكلات التنفس ويطيل البقاء على قيد الحياة، فإنه لا يمنع تقدم المرض.
في النهاية، فإنه على الرغم من عدم وجود علاج نهائي لمرض التصلب الجانبي الضموري، فإنه من الحالات النادرة، ولا زالت الأبحاث قائمة على إيجاد طرق للعلاج والوقاية، ويساعد التشخيص المبكر على التحكم في الأعراض بشكل كبير لتحسين نمط حياة المريض وتوفير الراحة له على قدر الإمكان.
مشاركة المقال