ما هو تعفن الدم وما الفرق بينه وبين إنتان الدم وكيف يمكن علاجه؟
هل سمعت عن مصطلح تعفن الدم من قبل؟ ربما يبدو مصطلحًا غريبًا في البداية فكيف للدم أن يتعفن؟ وهل هي حالة خطيرة كما يبدو من الاسم؟ وهل تسمم أو تعفن الدم هو نفسه الإنتان أو الصدمة الإنتانية؟ نتعرف من خلال المقال إلى مزيد من المعلومات عن هذه الحالة، وكيفية تمييز أعراض تسمم الدم خاصةً أنها تتشابه مع أعراض عديد من الحالات الأخرى، وكيف تتعامل مع هذه الحالة الطارئة إذا شعرت أنك أو أحد المحيطين بك مصابًا بها، فواصل قراءة المقال.
ما هو تعفن الدم؟
تعفن الدم أو بالإنجليزية Septicemia، والذي يُعرف أيضًا بـ تسمم الدم أو تجرثم الدم، كل هذه المصطلحات تشير إلى حالة تحدث عندما تصل البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات إلى مجرى الدم وتسبب العدوى.
عادةً ما يحدث تسمم الدم للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة؛ لذا فهو شائع الحدوث لدى كبار السن، ويمكن أن يكون خطيرًا جدًا ومهددًا للحياة.
البكتيريا المسببة لتسمم الدم لا تبدأ العدوى في مجرى الدم، ولكن تبدأ المشكلة كعدوى بكتيرية في مكان آخر من الجسم، على سبيل المثال: عدوى في المسالك البولية، أو الرئة، أو في مكان ما في الجهاز الهضمي، أو حتى خراج في الأسنان، وإذا لم تُعالج فإن العدوى قد تتفاقم وتنتشر إلى مجرى الدم، وتسبب حالة تسمم الدم.
ما الفرق بين تسمم الدم والإنتان؟
تسمم الدم أو Septicemia هو ليس الإنتان أو الـ Sepsis على الرغم أن العديد من الأشخاص يستخدمون المصطلحين للتعبير عن الحالة نفسها، فعادةً ما يصف البعض حالة التعفن باسم إنتان الدم، ولكن نعرف الفرق بين الحالتين فيما يلي.
للتفريق بينهما بشكل مبسط، فإن تسمم الدم هو عدوى في مجرى الدم، في حين أن الإنتان هو استجابة الجسم لهذه العدوى، أي أن تسمم الدم يحدث أولًا فيستجيب الجسم بشكل شديد للعدوى وهذه الاستجابة تُعرف بالإنتان (إنتان الدم).
في أثناء الإنتان يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة أنسجة الجسم، ما يؤدي إلى تلف الأعضاء. قد تتكون أيضًا جلطات في الدم، مما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الأعضاء الداخلية، لذلك لا تحصل على العناصر الغذائية والأكسجين الذي تحتاجه.
في الحالات الشديدة، يسبب الإنتان انخفاضًا خطيرًا في ضغط الدم. يطلق الأطباء على هذه الحالة اسم "الصدمة الإنتانية"، وهي حالة قد تؤدي إلى فشل الأعضاء مثل: الرئتين والكليتين والكبد، بشكل سريع وهو ما قد يكون مميتًا.
هل تسمم الدم هو سرطان الدم؟
تعفن الدم ليس هو نفسه سرطان الدم، فهما حالتان مختلفتان تمامًا، إذ يحدث سرطان الدم نتيجة طفرة في الجينات المرتبطة بالأعضاء المكوّنة لخلايا الدم مثل: نخاع العظم، ينتج عن هذه الطفرة إنتاج كريات دم بيضاء غير طبيعية تزاحم الخلايا السليمة، وتجعلها غير قادرة على القيام بوظائفها، ما ينتج عنه عدوى متكررة وأعراض فقر الدم وغيرها من العلامات. أما تعفن الدم فكما ذكرنا ينجم عن عدوى تنتقل إلى مجرى الدم.
ما هي أسباب تعفن الدم؟
يحدث تسمم الدم عادةً بسبب العدوى البكتيرية (وبشكل أقل شيوعًا بسبب العدوى الفطرية) في أجهزة الجسم المختلفة، عندما تنتقل البكتيريا من مكان العدوى إلى مجرى الدم.
تشتمل أنواع العدوى الشائعة التي قد ترتبط بتعفن الدم ما يلي:
- الالتهاب الرئوي.
- التهاب المسالك البولية.
- عدوى في المعدة أو الأمعاء.
- التهاب الزائدة الدودية.
- عدوى الكبد أو المرارة.
- التهابات الدماغ أو الحبل الشوكي.
ما هي أسباب تسمم الدم عند كبار السن؟
قد يصيب الإنتان أي شخص في أي وقت، ولكن كبار السن هم أكثر عرضة للإصابة به خاصةً الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية، إذ يكونون أكثر عرضة للإصابة بالإنتان بنسبة 13 مرة. وفقًا للإحصاءات فإن كبار السن يمثلون 65% من حالات الإنتان في المستشفيات، كما أن معدلات الوفيات أعلى أيضًا لدى المرضى الأكبر سنًا - فالإنتان هو السبب الرئيسي العاشر للوفاة بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر، وتزداد المعدلات مع تقدم العمر.
تظهر الأبحاث أيضًا أن المسنين هم أكثر عرضة للمضاعفات طويلة المدى لتسمم الدم مثل: الصدمة الإنتانية والبتر وفشل الأعضاء.
يُصاب كبار السن بتسمم الدم نتيجة عدوى وأكثرها شيوعًا، هي عدوى الجهاز التنفسي مثل: الالتهاب الرئوي، أو عدوى المسالك البولية
يكون كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالإنتان بسبب:
- ضعف الجهاز المناعي لديهم.
- الإقامة المطولة في المستشفيات نتيجة أمراض أخرى.
- استخدام القسطرة البولية وأنابيب التغذية والمحاليل الوريدية، ما يزيد من فرص العدوى.
كما ثبت أن الأمراض المزمنة مثل: السكري وأمراض الرئة والكلى والسكتة الدماغية والنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم تزيد بشكل كبير من خطر إصابة كبار السن بالإنتان.
ما هي عوامل الخطر للإصابة بتعفن الدم؟
تزداد فرص الإصابة بتسمم الدم في الحالات التالية:
- ضعف الجهاز المناعي (خاصةً لدى كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا ولديهم مشكلات صحية، كذلك حديثي الولادة، والمرضى الذين يتناولون الأدوية الستيرويدية المثبطة للمناعة، ومتلقي زراعة الأعضاء، ومرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي ومن يعانون من انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء).
- السكري غير المنضبط.
- الإصابة بالأورام السرطانية وأمراض الرئة والكلى.
- الحمل.
- الدخول إلى المستشفى مؤخرًا بسبب مرض شديد والبقاء لفترة طويلة أو الخضوع لعملية جراحية، أو استخدام القسطرة (قسطرة غسيل الكلى أو قسطرة فولي البولية)، أو أنابيب التنفس.
- العلاج بالمضادات الحيوية فترة تصل إلى ثلاثة أشهر.
- التعرض لإصابات خطيرة، مثل الحروق أو الجروح الكبيرة.
- الإصابة بـ قرح الفراش.
ما هي أعراض مرض تعفن الدم؟
بعض الأشخاص المصابين بتسمم الدم لا تظهر عليهم أي أعراض أو يعانون من حمى خفيفة فقط، ولكن تشمل أعراض تسمم الدم الأخرى ما يلي:
- التنفس السريع بشكل غير طبيعي.
- ضيق في التنفس.
- قشعريرة (رعشة).
- الحمى المستمرة.
- تغير الحالة الذهنية (الارتباك، فقدان الذاكرة، السلوك الغريب أو غير المعتاد).
- انخفاض في ضغط الدم.
- أعراض الجهاز الهضمي (آلام البطن والغثيان والقيء والإسهال).
إذا كنت تعاني من الأعراض السابقة، فيجب عليك طلب المساعدة الطبية الفورية.
ما هي أعراض الإنتان؟
تظهر أعراض الإنتان نتيجة للانخفاض الشديد في ضغط الدم وبالتالي انخفاض تدفق الدم إلى الأعضاء، فيشعر المريض بما يلي:
- حمى وقشعريرة.
- تنفس سريع.
- صعوبة في التنفس.
- ارتباك.
- التبول بمعدل أقل أو عدم التبول على الإطلاق.
- ضربات القلب السريعة.
- غثيان وقيء.
- إسهال.
- التعب أو الضعف.
- التعرق.
- الطفح الجلدي.
- الدوخة.
- التحدث بشكل غير واضح.
- فقدان الوعي.
ما هي أعراض الصدمة الإنتانية؟
الصدمة الإنتانية هي أخطر مراحل إنتان الدم، وتحدث عندما ينخفض ضغط الدم إلى مستوى خطير، فيتسبب في فشل الأعضاء، وقد يعاني المريض من:
- صعوبة في الوقوف.
- الشعور بالنعاس الشديد وصعوبة البقاء مستيقظًا.
- ارتباك شديد أو مشكلات أخرى في التفكير، وغيرها من التغيرات في الحالة العقلية للشخص.
- الألم الشديد في مناطق مختلفة بالجسم.
- احمرار وتورم حول الجرح.
- الدوخة أو الإغماء.
- انخفاض حجم البول.
- بشرة شاحبة أو متغيرة اللون أو منقطة.
- دفء في الجلد أو برودة بشكل غير عادي.
- الشعور بالهلاك أو الخوف المفاجئ من الموت.
- فقدان الوعي.
يتعرض كبار السن والأطفال الأصغر سنًا بشكل خاص لخطر الإصابة بالإنتان، كما أنهم أكثر عرضة للتدهور السريع لأعراض الإنتان، لكن قد يكون من الصعب اكتشاف المشكلة في هذه الفئات العمرية.
كيف يتم تشخيص تعفن الدم؟
يقيّم الطبيب التاريخ الصحي للمريض ويجري الفحص البدني لتحديد الجزء المشتبه به للعدوى. قد يوصي الطبيب بالفحوص التالية لتأكيد التشخيص:
- اختبارات الدم بما في ذلك صورة الدم الكامل (قد يشير عدد الخلايا البيضاء الذي يزيد عن 12000 خلية لكل ميكروليتر أو أقل من 4000 خلية لكل ميكروليتر إلى تسمم الدم)، واختبار وظائف الكلى والكبد، وتحليل الكهارل، والبول وغيرها.
- مزرعة للدم، والبول، والبلغم، والصديد الموجود في أي جرح اعتمادًا على مصدر العدوى.
- قياس مستوى الأكسجين في الدم.
إذا لم يكن مصدر العدوى واضحًا أو يمكن العثور عليه بسهولة، فيجب إجراء فحوص التصوير لتأكيد التشخيص ومنها:
- الأشعة السينية للصدر.
- الموجات فوق الصوتية على البطن والحوض.
- الأشعة المقطعية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
ما هو علاج تعفن الدم؟
يُعد العلاج المبكر لتجرثم الدم أمرًا بالغ الأهمية لمنعه من التحول إلى الإنتان أو الصدمة الإنتانية. إذا وصل المريض إلى المستشفى وهو يعاني من أعراض تسمم الدم، فسيوصي الطبيب بمضادات حيوية واسعة المدى عن طريق الوريد على الفور، حتى قبل أن يحدد مصدر العدوى، وذلك لأن الحالة يمكن أن تكون خطيرة جدًا، فحتى التأخير القصير في علاج العدوى قد يتسبب في انتشار العدوى وفشل الأعضاء.
يعتمد نوع المضاد الحيوي على نوع البكتيريا المسببة للعدوى. إذا كانت العدوى ناجمة عن فيروس أو فطر، فإن العلاج يشمل دواء مضاد للفيروسات أو مضاد للفطريات.
يمكن إعطاء المضادات الحيوية عن طريق الفم بمجرد السيطرة على مصدر العدوى وتحسن الأعراض بشكل ملحوظ.
علاج تعفن الدم البكتيري
في العموم يشمل علاج تعفن الدم البكتيري ما يلي:
- المضادات الحيوية الوريدية.
- تصريف أي خراجات.
- السوائل الوريدية لضبط مستوى الأملاح.
عادةً ما يقضي المرضى المصابون بتسمم الدم حوالي أسبوع في المستشفى، وقد يقضون معظم هذا الوقت أو كله في وحدة العناية المركزة.
علاج الإنتان
يتطلب علاج الإنتان البقاء في وحدة العناية المركزة بالمستشفى للسيطرة على العدوى والتحكم في ضغط الدم، والحفاظ على وظيفة أعضاء الجسم.
يشتمل علاج إنتان الدم على:
- السوائل الوريدية (IV).
- أكسجين إضافي.
- مضادات حيوية وريدية.
- دواء قابض للأوعية الدموية (لتضييق الأوعية الدموية ورفع ضغط الدم).
- الأنسولين للتحكم في نسبة السكر في الدم.
- جهاز التنفس (أنبوب القصبة الهوائية).
- غسيل الكلى لعلاج فشل الكلى الحاد وانخفاض إنتاج البول، واختلال توازن الشوارد.
- عملية جراحية لتصريف أو تنظيف العدوى.
- نقل الدم في حالة فقر الدم الشديد.
يؤدي التشخيص والعلاج الفوري للإنتان بالإضافة إلى الرعاية والمراقبة الدقيقة في وحدة العناية المركزة إلى زيادة فرص الشفاء.
علاج تعفن الدم الشديد
في بعض الحالات قد يحتاج علاج تعفن الدم إلى التدخل الجراحي ومنها:
- خراجات عميقة داخل البطن.
- ثقب الأمعاء.
- إزالة الأنسجة الميتة.
قد يكون من الضروري أيضًا إدخال أنبوب تصريف أو إزالة القسطرة المسببة للعدوى؛ لأنها لن تستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية وحدها.
ما هي أفضل أدوية لعلاج تعفن الدم؟
سيتلقى المريض معظم العلاجات في المستشفى من خلال الحقن الوريدية، وإذا تطورت الحالة للصدمة الإنتانية فإنه يحصل على حقن النورإبينفرين أو فازوبريسين لزيادة متوسط ضغط الدم.
أفضل مضاد حيوي لعلاج تسمم الدم
ينجم تسمم الدم في معظم الحالات عن عدوى بكتيريا؛ لذا فإن العلاج الأول يكون من خلال المضادات الحيوية الوريدية، ثم يصف الطبيب المضادات الحيوية الفموية مثل:
- ليفوكس- Levox.
- سيبروماكس- Cipromax.
- أوجمنتين- Augmentin.
كيف يمكن الوقاية من تسمم الدم؟
الوقاية من العدوى هي أفضل طريقة لمنع تسمم الدم، وذلك من خلال الخطوات التالية:
- غسل يديك كثيرًا بالماء والصابون مدة 20 ثانية على الأقل.
- الحصول على اللقاحات الموصى بها لأمراض مثل الأنفلونزا والجدري وغيرها.
- الانتظام على أدوية المشكلات الصحية المزمنة مثل السكري وضغط الدم.
- تنظيف أي جرح في الجلد في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على نظافته ومراقبة علامات العدوى مثل تكون قيح (صديد).
- عدم إهمال مشكلات اللثة والأسنان.
وفي حال التعرض لعدوى بالفعل فمن المهم استشارة الطبيب فورًا لمعالجتها قبل أن تتفاقم.
ما هي مضاعفات تعفن الدم؟
إذا تُرك تعفن الدم دون علاج فإنه قد يتطور إلى صدمة إنتانية، والتي قد تسبب عديدًا من المشكلات في جميع أنحاء الجسم، ومنها:
- فشل كلوي.
- غرغرينا في أصابع اليدين والقدمين.
- تلف دائم في الرئتين والدماغ والقلب.
- ارتفاع خطر الإصابة بالعدوى في المستقبل.
- احتمال الوفاة بنسبة 30% إلى 40%.
وللأسف قد يعاني بعض المرضي، مما يُعرف بمتلازمة ما بعد الإنتان، وهي تأثيرات طويلة المدى يمكن أن تستمر لسنوات طويلة بعد الإصابة بالإنتان، وقد تشمل هذه التأثيرات:
- تلف الأعضاء.
- أرق.
- قلق.
- اكتئاب.
- آلام المفاصل والعضلات.
- فقدان الكتلة العضلية.
- الفشل الكلوي.
- صعوبة التعلم والتذكر والتركيز واتخاذ القرارات.
- التعب والضعف العام.
- زيادة خطر الإصابة بمشكلات القلب.
في مجمل القول، فإن تعفن الدم هو حالة صحية طارئة تحتاج إلى التدخل الطبي العاجل، لأنها مهددة للحياة خاصةً لدى الرضع، ومن لديهم أمراض مزمنة، ولأن أعراضها قد تتطور بشكل سريع وتصل إلى مضاعفات خطيرة، فمن الضروري الاهتمام بمعالجة أي عدوى فور ظهورها وعدم إهمال أي عرض غير طبيعي.
الأسئلة الشائعة
هل مرض تعفن الدم خطير؟
هل يمكن الشفاء من تعفن الدم؟
مشاركة المقال