ما أسباب تأخر النمو عند الأطفال؟ وكيف يمكن علاجه؟
لا شيء يسعد الآباء بقدر نمو أطفالهم وتطورهم العقلي والحركي، وتأخر النمو عند الأطفال قد يثير القلق والمخاوف لدى الأبوين ويطرح تساؤلات متعددة على رأسها هل يعاني طفلي من خطبٍ ما؟ وهل يمكن أن ينمو بمعدل طبيعي؟ وهل يعاني من تأخر أم أنها حالة مؤقتة؟ وسنجيب عن كل هذه التساؤلات ونوضح أعراض تأخر النمو عند الأطفال، وأسبابه، وكيفية علاجه من خلال السطور التالية.
ما تأخر النمو عند الأطفال؟
تأخر النمو عند الأطفال هو مصطلح عام يُستخدم لوصف عدم مسايرة الطفل لمعدل النمو الطبيعي فيما يخص النمو الجسدي والعقلي وتطور المهارات الفكرية والذهنية.
قد يشير قصر قامة الطفل أو تأخر تطوير مهارات الحركة والكلام والتواصل وغيرها إلى تأخر النمو عند الأطفال، ولكن في الشائع عادةً ما يُقصد به تأخر النمو الجسدي وهو ما سنركز عليه فيما يلي.
قد تكون مشكلة النمو واضحة بعد الولادة، إذا كان الطفل صغيرًا بشكل غير طبيعي بالنسبة لعمره، أو إذا لم ينمو بالمعدل نفسه لأقرانه في نفس عمره.
قد يكون سبب التأخير حالة صحية، مثل: نقص هرمون النمو أو قصور الغدة الدرقية أو وجود مشكلة في امتصاص الطعام. في معظم الحالات، يساعد العلاج المبكر الطفل على الوصول إلى طول طبيعي أو شبه طبيعي.
في كثير من الأحيان، تؤثر التأخيرات في النمو في عدة مظاهر لدى الطفل، وليس فقط نموه الجسدي وهنا يطلق عليه تأخر النمو العام.
ليس كل تأخر في النمو غير طبيعي، ففي كثير من الأحيان ينمو بعض الأطفال بشكل أبطأ من غيرهم لأنه أمر وراثي في العائلة، ولكن قد يعاني الطفل من تأخر النمو الفعلي عندما لا يزداد طوله بما يتناسب مع عمره.
3%-5% من الأطفال أقصر من المعدل الطبيعي لطولهم، عديد من هؤلاء الأطفال لديهم أب أو أم قصيري القامة، وقليل منهم يعاني من مشكلة طبية تؤثر في النمو ويمكن علاجها.
متى يعتبر الطفل متأخر في النمو؟
إذا كان حجم الطفل أصغر من الأطفال الآخرين في سنه، فقد يكون لديه مشكلة في النمو. عادةً ما يُشخص على أنه تأخر فعلي في النمو إذا كان الطفل أصغر من 95% من الأطفال في سنه وكان معدل نموه بطيئًا.
بصفة عامة إذا لم يحقق الطفل معدلات النمو التالية قبل وصوله لعمر خمس سنوات، فقد يُشخص بتأخر النمو:
- حديثي الولادة حتى عمر 12 شهرًا: بحلول نهاية العام الأول يجب أن يزداد طول الطفل بمعدل 25.4 سنتيمترات مقارنةً بطوله عند الولادة.
- من سنة إلى سنتين: في هذا العمر، ينمو الأطفال بمعدل 12.7 سنتيمترًا في العام.
- من 2 إلى 3 سنوات: ينمو الأطفال في هذا العمر بمقدار 8.89 سنتيمترًا في السنة.
الأطوال السابقة هي نسب متوسطة، بمعنى أن الطفل قد يقترب منها ولا يحققها بالضبط ويظل نموه طبيعيًا.
شاهد في الفيديو: 3 أسباب لمشكلات نمو الأطفال | د. أميرة الرفاعي - استشاري ومدرس مساعد طب الأطفال بمستشفيات أندلسية
أعراض تأخر النمو عند الأطفال
قد تظهر بعض أعراض تأخر النمو عند الولادة (يكون الرضيع صغيرًا بشكل غير طبيعي بالنسبة للحجم المتوقع)، وقد تظهر أعراض أخرى خلال مراحل لاحقة من نمو الطفل خاصةً عندما يبدو الطفل أصغر من زملائه في الفصل أو عندما تكون مظاهر نموه غير ملحوظة على مدار عام، وعادةً ما تظهر غالبية الأعراض عند الأطفال بعد سن الخامسة.
العَرَض الأساسي الذي قد يشير إلى وجود مشكلة في النمو هو عندما ينمو الطفل بمعدل أقل من 5 سنتيمترات في السنة بعد عيد ميلاده الثالث.
تشمل الأعراض الأخرى لتأخر النمو عند الأطفال:
- التطور البطيء للمهارات الجسدية، مثل: الجلوس والوقوف والمشي.
- تأخر المهارات الاجتماعية والعقلية.
- علامات تشير إلى تقزم الطفل (حجم ذراعيه أو ساقيه غير متناسب مع حجم جذعه).
- إذا كان لدى الطفل مستوى منخفض من هرمون النمو (GH)، فقد يؤثر ذلك في نمو وجهه فيبدو شكل وجهه صغيرًا حتى مع تقدمه في العمر.
- إذا كان تأخر النمو عند الطفل ناجمًا عن مرض في المعدة أو الأمعاء، فقد يظهر لديه دم في البراز أو يعاني من الإسهال أو الإمساك أو القيء أو الغثيان.
- إذا كان لديه مستويات منخفضة من هرمون الثيروكسين (هرمون الغدة الدرقية)، فقد يعانون إلى جانب صغر حجم الجسم من فقدان الطاقة والإمساك وجفاف الجلد والشعر والشعور بالبرد دائمًا وبرودة الاطراف.
ما سبب عدم نمو الطفل بشكل طبيعي؟
هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تسبب تأخر النمو عند الأطفال، وعلى رأسها:
- مشكلات الغدد الصماء: ينظم جهاز الغدد الصماء إنتاج وتوزيع الهرمونات في جميع أنحاء الجسم. يمكن لمشكلات الغدد الصماء أن تؤثر في إنتاج هرمون الغدة الدرقية وهو أحد الهرمونات المهمة لنمو الطفل، يمكن أن تؤثر أيضًا في الغدة النخامية في الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمون النمو.
- تقييد النمو داخل الرحم (تخلف النمو الداخلي رحمي): وهي مشكلة خلقية لا ينمو فيها الجنين بمعدله الطبيعي في أثناء وجوده في رحم الأم وهي سبب شائع لتأخر النمو عند الأطفال فيما بعد.
- الاضطرابات الوراثية: ترتبط بعض المتلازمات الوراثية بتأخر النمو ومنها متلازمة تيرنر وداون. هناك أمراض عظام مختلفة تؤثر في الطول والنمو، والعديد منها وراثي، وأكثرها شيوعًا هو الودانة، وهو نوع من التقزم يكون فيه ذراعا وساقي الطفل قصيرتين بما يتناسب مع طول جسمه.
- البلوغ المبكر: يتميز هذا الاضطراب بحدوث البلوغ في وقت أبكر مما ينبغي، قد يُظهر الطفل معدلات نمو سريعة في البداية، ولكن يتوقف النمو بعدها في سن صغيرة.
- التاريخ العائلي: قد يكون معدل نمو الطفل أبطأ من الأطفال الآخرين في نفس عمره إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب قصير القامة نتيجة عوامل وراثية.
- تأخر النمو البنيوي: عادةً ما ينمو الأطفال المصابون بهذه الحالة بمعدل طبيعي، لكن طولهم أقصر من المتوسط. يمكن أن يتسبب تأخر النمو البنيوي في أن يكون نضج العظام بمعدل أبطأ من عمر الطفل. هذا أيضًا يجعل الأطفال أكثر عرضة لمرحلة البلوغ في وقت متأخر عن الأطفال الآخرين في العمر نفسه لكنهم عادةً ما يلحقون بالأطفال البالغين.
- الفشل في النمو: تحدث هذه الحالة عندما ينمو الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات بشكل أقل من المعدلات المتوقعة في الوزن والطول، عادةً ما يكون سببها مشكلة في التغذية أو سوء التغذية.
يمكن أن تشمل العوامل الأخرى:
- الضغوط النفسية الشديدة.
- سوء التغذية.
- أنواع معينة من فقر الدم، مثل فقر الدم المنجلي.
- الأمراض المزمنة مثل: أمراض الكلى أو القلب أو الرئة والسكري والتليف الكيسي.
بعض حالات تأخر النمو عند الأطفال تكون مجهولة السبب (لا يُعرف السبب ورائها).
كيف أعرف أن طفلي يعاني من نقص النمو؟
يمكن ملاحظة أن الطفل يعاني من مشكلة في النمو من خلال المتابعة الدورية على مدى عدة أشهر لدى الطبيب والتي يتحقق فيها في كل مرة من وزن وطول الطفل، وما إذا كانا متوافقان مع منحنى النمو الطبيعي ويجري من خلالها الفحص البدني للطفل.
سيسأل الطبيب عن تاريخ الطفل الصحي والعائلي، وما إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من مشكلات النمو، وقد يوصي بإجراء بعض فحوص الدم للتحقق من:
- اضطراب الهرمونات (مثل هرمون النمو وهرمونات الغدة الدرقية).
- نقص الفيتامينات.
- المتلازمات الوراثية التي ترتبط بتأخر النمو عند الأطفال.
قد يطلب أيضًا فحوص تصويرية مثل:
- الأشعة السينية: يجريها على معصم الطفل لتحديد عمر عظامه؛ للتحقق من مدى نضج نمو عظام الطفل ومقارنته بمرحلته العمرية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي: للتحقق من وجود تشوهات في الغدة النخامية ما قد يؤثر في إنتاج هرمون النمو.
ما هو علاج بطء النمو عند الاطفال؟
تختلف طريقة العلاج وفقًا لمرحلة تأخر النمو عند الأطفال والسبب ورائها، وعادةً ما ينجح العلاج خاصةً في المراحل المبكرة ويلحق الأطفال بأقرانهم من نفس العمر ويزداد طولهم بمعدل طبيعي.
يوصي الطبيب بالعلاجات التالية في المراحل المبكرة من تأخر النمو:
- حقن هرمون النمو: تساعد الأطفال الذين يعانون من نقص هرمون النمو وكذلك متلازمة تيرنر والفشل الكلوي المزمن. العلاج بهرمون النمو آمن وفعال لكنه مكلف وقد يستغرق وقتًا حتى يصل الطفل لمعدل النمو الطبيعي. في أثناء العلاج سيتم مراقبة الطفل من قبل أخصائي لتقييم فاعلية حقن هرمون النمو ويمكن تعديل الجرعة حسب الحاجة.
- هرمونات الغدة الدرقية البديلة: إذا كان تأخر نمو الطفل ناتجًا عن قصور الغدة الدرقية، فقد يصف الطبيب بديل هرمون الغدة الدرقية للطفل، وسيراقب مستوياته في أثناء فترة العلاج ومدى فاعليته.
- فيتامين "د": إذا كان الطفل لديه مستويات منخفضة منه.
تأخر النمو عند الأطفال ليس حالة دائمة وفي معظم الأحيان يمكن علاجه إذا ما اكتُشف في وقت مبكر وتمكن الطبيب من معرفة السبب ورائه، لذا نوصي الآباء بالمتابعة المنتظمة للطفل الرضيع للتأكد من أنه ينمو ضمن المعدل الطبيعي، واستشارة الطبيب فور ملاحظة أنه لا ينمو بشكل طبيعي مثل بقية أقرانه.
الأسئلة الشائعة
كيف أعرف أن طفلي ينمو بشكل طبيعي؟
هل تأخر النمو له علاج؟
مشاركة المقال