ما هو فرط النشاط عند الاطفال ADHD؟ وكيفية علاجه؟
يمر جميع الأطفال تقريبًا بأوقات يتشتت فيها انتباههم أو يخرج سلوكهم عن السيطرة، ومع ذلك، بالنسبة لبعض الأطفال، فإن هذه السلوكيات قد تكون أكثر من مجرد مشكلة عرضية، إذ يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) من مشكلات سلوكية متكررة وشديدة لدرجة أنها تتداخل مع أدائهم الدراسي، وقدرتهم على التعامل مع المحيطين، ولتجنب الخلط بين النشاط الزائد أو كما يُعرف في اللغة الدارجة بـ "الشقاوة" وبين فرط النشاط عند الأطفال، سنركز في هذا المقال على متلازمة فرط النشاط وتشتت الانتباه ADHD وأهم أعراضها وأسبابها.
ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD؟
فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) هو اضطراب يؤثر في الدماغ، ويتسبب في مستويات غير عادية من النشاط المفرط والسلوك الاندفاعي. تشير الإحصاءات إلى أن 8.4٪ من الأطفال على مستوى العالم يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
قد يواجه الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أيضًا صعوبة في تركيز تفكيرهم على مهمة واحدة أو الجلوس لفترات طويلة من الزمن أو اتباع روتين محدد، وقد تتحسن هذه الأعراض مع تقدم الطفل في العمر ومع ذلك قد يستمرون في مواجهة مشكلات حتى بعد البلوغ.
يمكن أن يسبب هذا الاضطراب الحركة المفرطة والاندفاع وعدم الانتباه، ما يؤثر في قدرة الطفل على التعامل مع المحيطين ويتداخل بشكل كبير مع أدائه الدراسي.
لا يقتصر هذا الاضطراب على الأطفال فقط، إذ قد يعاني منه البالغون أيضًا، ولكنه عادةً ما يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة (قد يظهر في سن السابعة وفي بعض الحالات قبل ذلك)، ويصيب الذكور أكثر من الإناث.
يؤثر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في قدرة الدماغ على تنظيم الأفكار والتحكم في الكلمات والأفعال والعواطف. لا يُعد ADHD مرضًا عقليًا أو إعاقة لكنه ينجم عن خلل في مناطق الدماغ المتحكمة في التنظيم والقدرة على التركيز.
قد يكون الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عدوانيين في بعض الأحيان، وقد يعاني بعضهم من مشكلات، مثل: القلق واضطرابات النوم وصعوبات التعلم.
ما هي أنواع فرط النشاط عند الأطفال؟
هناك ثلاثة أنواع من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهي:
- تشتت الانتباه: في هذا النوع يعاني الطفل من التشتت وصعوبة التركيز، ولكنه لا يكون مفرط النشاط أو مندفعًا. عادةً ما يصعب على المصاب إنهاء مهامه أو الانتباه إلى التفاصيل، أو اتباع روتين أو تعليمات محددة.
- فرط النشاط الاندفاعي: يشير هذا النوع إلى أن الطفل يعاني من أعراض فرط النشاط أو الاندفاع، فيتململ في جلوسه ويتحدث كثيرًا، ويميل للركض أو القفز أو التسلق باستمرار، عادةً ما يقاطع الطفل الآخرين في أثناء حديثهم، أو يتحدث في أوقات غير مناسبة.
- النوع المشترك: يعاني الطفل المصاب من هذا النوع من مزيج من أعراض فرط النشاط الاندفاعي وتشتت الانتباه.
ما هي أسباب فرط النشاط عند الأطفال ADHD؟
لا يُعرف بعد السبب الدقيق لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، ومع ذلك يعتقد الباحثون أن مجموعة من العوامل قد تشترك في حدوثه، والتي منها:
- التاريخ العائلي: عادةً ما يُورث اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في العائلات، ويُعتقد أن الجينات التي يرثها الطفل من الوالدين هي عامل مهم لتطور حدوثه، وتزداد فرص الإصابة به إذا كان أحد الأبوين أو الإخوة مصابًا به.
- اختلاف في تشريح الدماغ: أشارت عدة أبحاث أن أدمغة الأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه قد تختلف عن أولئك الذين لا يعانون منه، على سبيل المثال اقترحت واحدة من الدراسات أن مناطق معينة من الدماغ قد تكون أصغر لدى المصابين بالـ ADHD، بينما تكون مناطق أخرى أكبر، وأن هذه الاختلافات قد ترتبط بالإصابة به.
- انخفاض مستوى الدوبامين: أظهرت الدراسات أن الأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه لديهم مستويات منخفضة من الدوبامين وهو ناقل عصبي في الدماغ يلعب دورًا في إثارة الاستجابات وردود الفعل العاطفية، ولا يُعرف بعد سبب انخفاضه، ولكن يعتقد أن هناك علاقة بينهما.
تشمل عوامل الخطر الأخرى:
- ولادة الطفل قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل (تزداد فرص الإصابة لدى الأطفال المبتسرين أو من وُلدوا بوزن منخفض).
- الصرع.
- تلف في دماغ الطفل، والذي يحدث في أثناء الحمل، أو بعد التعرض لإصابة شديدة في الرأس في وقتٍ لاحق.
- التعرض للملوثات البيئية، مثل: الرصاص في أثناء الحمل أو في سن مبكرة.
- تعاطي الأم للكحول أو التدخين في أثناء الحمل.
تشير الإحصاءات إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة به بمعدل ثلاث مرات مقارنةً بالإناث.
ما هي أعراض فرط النشاط عند الأطفال وتشتت الانتباه ADHD؟
من الطبيعي أن يواجه الأطفال صعوبة في التركيز وفرط النشاط من وقتٍ لآخر، ومع ذلك فإن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، لا يتخلصون من هذه السلوكيات وتستمر الأعراض لديهم وقد تزداد شدتها.
عادةً ما يعاني الطفل المصاب بالـ ADHD من الأعراض التالية:
- أحلام اليقظة.
- النسيان المتكرر.
- صعوبة الاستماع للآخرين في صمت.
- فرط النشاط، فيميل الطفل للركض والقفز والحركة المستمرة.
- صعوبة التركيز.
- المبالغة في ردود الفعل والمشاعر.
- التصرف باندفاع دون تفكير.
- فقدان أغراضه بشكل متكرر.
- التململ في أثناء الجلوس (عدم القدرة على الجلوس والبقاء في مقعده لفترة طويلة).
- التحدث بشكل مفرط.
- صعوبات التعلم.
- مقاطعة الآخرين في أثناء حديثهم.
- صعوبة انتظار الطفل لدوره، على سبيل المثال قد لا يتمكن الطفل المصاب بفرط النشاط من الوقوف في طابور أو انتظار دوره في لعبة جماعية.
- صعوبة الانسجام مع الآخرين.
- تجنب المهام التي تحتاج مجهودًَا ذهنيًا، مثل: الواجبات المدرسية.
- عدم القدرة على إنهاء المهام، فيبدأ في نشاط ما، ولا يتمكن من إنهائه.
- عدم الاستماع عند التحدث لديه.
- صعوبة اللعب في هدوء.
- التشتت بأقل المؤثرات.
قد تختلف الأعراض من طفل لآخر، وليس بالضرورة أن يعاني الطفل من كل الأعراض السابقة ولكن تختلف وفقًا لنوع الاضطراب لديه، كذلك قد يكون نشطًا ولا يعاني من اضطراب فرط الحركة.
اقرأ أيضًا: ما أعراض التوحد عند الأطفال؟
كيفية تشخيص متلازمة فرط الحركة عند الأطفال
إذا كان الطفل يعاني من الأعراض السابقة فلا يجب التسرع والحكم أنه مصاب بمتلازمة فرط الحركة، ويجب استشارة طبيب أطفال أو طبيب نفسي، ولا يُوجد اختبار واحد لتأكيد التشخيص، ولكنه يتضمن عدة خطوات.
بصفة عامة سيجري الطبيب فحصًا طبيًا يشتمل على اختبارات للسمع والرؤية والمهارات الحركية والذهنية، وسيسأل عن التاريخ العائلي للطفل، وما إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا بفرط الحركة وتشتت الانتباه.
يتضمن التشخيص أيضًا سؤال الوالدين والمحيطين بالطفل من أقارب ومعلمين عن سلوكياته، وما إذا كانت مستمرة أم مشكلة عرضية، إذ قد يظهر بعض الأطفال نشاطًا في مراحل عمرهم الأولى ويقل نشاطهم في مرحلة البلوغ.
في العموم من المحتمل أن يُشخص الطفل باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إذا:
- كان يعاني من 6 أعراض مما سبق ذكرها.
- استمرت الأعراض مدة ستة أشهر أو أكثر.
- أبلغ أكثر من شخص عن سلوكيات الطفل غير الطبيعية (على سبيل المثال: المعلمين والأقارب).
- أثّرت الأعراض في قدرته على ممارسة حياته اليومية والتعامل مع المحيطين والأداء المدرسي.
- لم يكن هناك أي سبب جسدي أو عقلي أو نفسي وراء تلك الأعراض.
في بعض الأحيان يجري الطبيب فحصًا يُعرف بنظام التقييم المعتمد على التخطيط الكهربائي للدماغ (NEBA)، والذي يقيس موجات كهربائية محددة في المخ تُعرف بـ "ثيتا وبيتا"، إذ أشارت الدراسات إلى أن هذه الموجات تزداد لدى الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقارنة بهؤلاء غير المصابين به.
شاهد في الفيديو مزيدًا من المعلومات عن فرط الحركة عند الأطفال ADHD | د. عبير عبد الرحمن
كيفية علاج مرض فرط الحركة ADHD
هناك عدة طرق لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وعادةً ما يلجأ الأطباء لاستخدام أكثر من طريقة معًا للحصول على نتائج أفضل والسيطرة على الأعراض.
أدوية لعلاج ADHD
قد يصف الطبيب بعض الأدوية لتساعد على التحكم في السلوك الحركي المفرط لدى الطفل وتحسين قدرته على الانتباه، تعمل معظم هذه الأدوية على المواد الكيميائية في الدماغ.
تشمل الأدوية الشائعة:
- الأمفيتامين.
- ديكستروأمفيتامين.
- ليسديكسامفيتامين.
قد يصف الطبيب أيضًا للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 6 سنوات أدوية، مثل:
- أتوموكستين.
- كلونيدين.
- جوانفاسين.
في بعض الحالات، قد يصف الأطباء مضادات الاكتئاب للطفل.
ترتبط أدوية فرط الحركة وتشتت الانتباه بعديد من الآثار الجانبية، مثل: فقدان الشهية وصعوبة النوم، لذا لا يجب بأي حال من الأحوال استخدامها دون استشارة الطبيب، وإبلاغه في حال ظهور أعراض جانبية لضبط الجرعة إذا ما احتاج الأمر.
العلاج السلوكي
يركز هذا النوع من العلاج على تغيير سلوك الطفل، واستبدال السلوكيات السيئة بتلك الجيدة، ويتم من خلال وضع قواعد بسيطة ومحددة في حالة فقدان الطفل للسيطرة على أفعاله تتضمن عواقب يتفق الوالدين عليها مسبقًا معه، كأن يحرم من مشاهدة التلفاز أو الذهاب للنادي، ويجب أن يتماشى هذا العقاب إلى جنب مع نظام للمكافآت في حالة سيطر الطفل على سلوكه أو قام بشيء جيد.
الاستشارة النفسية
يهدف العلاج النفسي لتعليم الطفل طرق صحية للتعامل مع مشاعره ومساعدته على الثقة بنفسه، وعادةً ما تكون استشارة جماعية تضم الوالدين أيضًا والأشقاء؛ لمساعدتهم على فهم سلوك الطفل بشكل أفضل والتعامل معه بصورة صحيحة.
الأجهزة الطبية
اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية جهازًا لتحفيز العصب الثلاثي التوائم لاستخدامه للأطفال من عمر سبع سنوات إلى 12 عامًا، والذين لا يتناولون أدوية لفرط الحركة. يُوصل هذا الجهاز من خلال أقطاب كهربائية تُوضع على جبين الطفل ليلًا؛ لإرسال نبضات كهربائية منخفضة إلى أجزاء معينة من الدماغ والتي يُعتقد أنها تسبب فرط الحركة ونقص الانتباه.
أبرز نصائح للتعايش مع متلازمة فرط الحركة
قد تساعد بعض التغييرات في نمط الحياة الطفل والوالدين على التعايش مع ADHD، وتشمل:
- اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على كثير من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات.
- ممارسة الرياضات التي تحتاج حركة مستمرة، مثل: كرة القدم أو السلة، إذ يساعد النشاط البدني على تفريغ طاقة الطفل، كما تعلمه كيفية التواصل مع الآخرين وتعلم بعض المهارات الاجتماعية.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية كالهاتف المحمول أو ألعاب الكمبيوتر خاصةً قبل النوم.
- تقليل المشتتات حول الطفل على قدر الإمكان، على سبيل المثال طلاء حوائط غرفته بلون واحد وعدم وضع عديد من الألعاب أمامه، وتنظيم غرفته بشكل بسيط وغير معقد.
- وضع جدول ثابت لمواعيد النوم والاستيقاظ وتناول الطعام، والتخطيط لكل يوم مع الطفل ووضع تعليمات بسيطة ومحددة على سبيل المثال: بدلًا من إخباره "نظف غرفتك"، يمكن إعطاؤه أمر واحد في كل مرة، مثل: "رتب ملابسك في الخزانة، ثم رتب مكتبك" وهكذا حتى يتمكن الطفل من التركيز على مهمة واحدة في كل مرة.
- التركيز مع الطفل عند التحدث إليه والحرص على التواصل البصري معه.
- عدم إشعار الطفل أنه مصدر إزعاج أو أنه مختلف عن الآخرين وتعزيز ثقته بنفسه.
- مكافأة السلوك الإيجابي وعقاب السلوك السيء بطريقة تربوية سليمة.
- مساعدة الطفل دراسيًا لأن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه يواجهون صعوبات التعلم.
نعلم جيدًا أن التعامل مع فرط النشاط عند الأطفال قد يكون مرهقًا إلى حد كبير، ومع ذلك فإن المتابعة الطبية مع متخصص، وتعلم كيفية التعامل مع سلوك الطفل بطريقة صحيحة وتقديم الدعم النفسي له قد تساعده بشكل كبير على التغلب على سلوكياته.
الأسئلة الشائعة
ما هي أبرز مضاعفات متلازمة فرط الحركة؟
هل فرط الحركة يؤخر النطق؟
مشاركة المقال