تجربتي مع مقاومة الأنسولين: من التشخيص إلى التغيير الصحي

أتناول الطعام بلا شبع، يزداد وزني فأشعر بالذنب، فأحاول منع الطعام، ولكني أفشل كل مرة، حتى لو تمكنت من إنقاص بعض الكيلوجرامات، يظل حجم بطني كبيرًا كانت هذه باختصار معاناتي التي شُخصت فيما بعد بمقاومة الأنسولين. اسمي نيرة في منتصف العشرينيات من عمري، كان وزني منذ سنوات معتدلًا، وشهيتي منتظمة ولكني من وقت لآخر كنت تزداد شراهتي للحلوى، وبدأ وزني يزداد تدريجيًا، حتى وصلت لمرحلة السمنة، حاولت عدة أنظمة غذائية حتى أني امتنعت في بعض الأيام عن تناول الطعام وأكتفي بالماء وسرعان ما كنت أشعر بهبوط فآكل بشراهة كبيرة.

نصحتني إحدى صديقاتي بزيارة طبيبة تغذية بعد أن أرهقني سؤالي الدائم كيف اتخلص من مقاومة الانسولين؟ وبالفعل حدث وزرت اختصاصية التغذية في مستشفى أندلسية في جدة. طلبت الطبيبة مني عدة فحوص ومنها تحليل مقاومة الأنسولين، وبالفعل شُخصت بها وفسرت الأعراض التي كانت لدي.

وضعت الطبيبة لي نظام غذائي لمقاومة الأنسولين وبالفعل بدأت الأعراض في التحسن وبدأت أشعر بنزول الكيلوجرامات الزائدة في وزني، وقد انعكس الأمر أيضًا على صحتي ومظهر بشرتي، لذا أنصحكم قبل محاولة إنقاص الوزن بأنظمة الرجيم الرجوع إلى طبيبة التغذية، لمعرفة السبب وراء زيادة الوزن وعلاجه، كانت هذه باختصار تجربتي مع مقاومة الأنسولين.

عندما تكون الأمور طبيعية في الجسم يعمل الأنسولين كالتالي، عند تناول بعض الأطعمة فإنها تتحلل إلى سكريات تسري في الدم، وتؤدي هذه الزيادة في سكر الدم إلى إفراز الأنسولين من البنكرياس. بعدها يعمل الأنسولين على إدخال السكر إلى خلايا الجسم، بعد حدوث ذلك، يعود سكر الدم إلى مستواه الطبيعي.

يرسل الأنسولين أيضًا  إشارة إلى الكبد لتخزين السكر الزائد في الدم كطاقة لوقت لاحق. في حالة عدم تناول الطعام لمدة طويلة، فإن الكبد يفرز سكر الدم المخزن ليوفر طاقة.

في بعض الأحيان قد يختل توازن هذا النظام الدقيق، وعندما يزداد مستوى السكر في الدم على مدى فترة طويلة من الزمن، يمكن أن يُصاب الجسم بمقاومة الأنسولين، وهي تعني الآتي:

• يدخل الكثير من السكر إلى مجرى الدم، فيضخ البنكرياس مستويات عالية من الأنسولين لإدخال المزيد من سكر الدم إلى الخلايا. بمرور الوقت، تتوقف الخلايا عن الاستجابة بشكل جيد للأنسولين، ما يُعرف باسم المقاومة.
• يظل مستوى السكر في الدم مرتفعًا، ما يجعل البنكرياس يستمر في إفراز مزيد من الأنسولين لجعل الخلايا تستجيب. في نهاية المطاف، لا يستطيع البنكرياس مواكبة ذلك ويستمر سكر الدم في الارتفاع.
• بالطبع ارتفاع نسبة السكر في الدم يضر بالجسم، لذلك يستمر الجسم في محاولة التخلص من السكريات الزائدة في الدم. فيخزن السكر الزائد في الكبد والعضلات. وعندما تمتلئ، يرسل الكبد السكر المتبقي ليُخزن على شكل دهون في الجسم، ما يسبب زيادة الوزن. تمهد مقاومة الأنسولين الطريق لمقدمات السكري ومرض السكري من النوع الثاني.

في تجربتي مع مقاومة الأنسولين كنت قد قرأت عن الحالة ولم أعر الأمر اهتمامًا حتى اكتشفت إصابتي بها في أثناء أحد الفحوص الروتينية.

في كثير من الأحيان لا يعاني الأشخاص المصابون بمقاومة الأنسولين من أي أعراض على الإطلاق، وعادةً ما يكتشفها الطبيب بالصدفة أو في أثناء الفحص الطبي السنوي أو تحاليل الدم الروتينية لمن يحرصون على ذلك.

هناك علامات لمقاومة الأنسولين التي قد يبحث عنها الطبيب. وتشمل مقاومة الانسولين اعراض ما يلي:

• محيط الخصر الذي يزيد عن 40 بوصة لدى الرجال، أما في حالة مقاومة الأنسولين عند النساء فمحيط الخصر الذي يزيد عن 35 بوصة لدى النساء يعد إحدى العلامات.
• زوائد جلدية أو بقع داكنة مخملية على الجلد تسمى الشواك الأسود.
• قراءة ضغط الدم 130 على 80 أو أكثر.
• مستوى الجلوكوز الصيامي (سكر صائم) 100 ملليغرام لكل ديسيلتر أو أعلى، أو مستوى سكر في الدم يساوي 140 ملليغرامًا لكل ديسيلتر أو أكثر بعد ساعتين من اختبار تحمّل الغلوكوز.
• مقاومة الأنسولين والسكر التراكمي: عندما تكون نتيجة تحليل السكر التراكمي (A1C) بين 5.7% و6.3% فهذه علامة من علامات مقاومة الأنسولين.
• نتيجة تحليل الدهون الثلاثية (المُجرى على صيام) أكثر من 150 ملليغرام لكل ديسيلتر.
• مستوى الكولسترول (HDL) تحت 40 ملليغراما لكل ديسيلتر للرجال، وتحت 50 ملليغراما لكل ديسيلتر للنساء.

كان اسمرار محيط الرقبة وزيادة حجم البطن والوزن فيها هي الأعراض الأساسية في تجربتي مع مقاومة الأنسولين.

تعرف على: ما العلاقة بين مرض السكري والسمنة؟

أسباب مقاومة الأنسولين غير مفهومة بشكل جيد حتى الآن، فيمكن لأي شخص أن يُصاب بها، ولكن هناك عوامل تزيد من احتمالية حدوث هذه الحالة وتشمل ما يلي:

• مقاومة الأنسولين والوزن: زيادة الوزن، وخاصة دهون البطن من العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث مقاومة الأنسولين.
• نمط الحياة الخامل.
• اتباع نظام غذائي عالي الكربوهيدرات.
• وجود تاريخ عائلي لمرض السكري من النوع الثاني.
• ارتفاع مستويات السكر في الدم
• ارتفاع الدهون الثلاثية.
• ارتفاع الكوليسترول  الضار.
• انخفاض الكوليسترول النافع.
• الإصابة بسكري الحمل.
• بعض الأمراض (مثل مرض الكبد الدهني غير الكحولي).
• التدخين.
• خلفيات عرقية معينة.
• العمر: تزداد احتمالية الإصابة به بعد سن 45.
• بعض الاضطرابات الهرمونية مثل متلازمة كوشينغ، ضخامة الأطراف (أكروميجالي)، وقصور الغدة الدرقية.
• بعض الأدوية مثل الستيرويدات وبعض علاجات فيروس نقص المناعة البشرية وبعض أدوية ضغط الدم وغيرها.
• بعض الحالات الوراثية ومنها الحثل العضلي والحثل الشحمي الوراثي.
• بعض مشكلات النوم مثل انقطاع النفس في أثناء النوم.

في تجربتي مع مقاومة الأنسولين أخبرتني الطبيبة أن السبب وراثي خاصةً أن والدتي وأخي الأكبر كليهما يعاني من السكري.

سؤال من إحدى المرضى

أعاني من مقاومة الإنسولين منذ عدة سنوات، وقد تمكنت من خسارة وزن كبير باتباع الصيام المتقطع وتحسين نمط حياتي، وأشعر بتحسن واضح في صحتي، فهل هذا معناه أنني تخلصت من خطر الإصابة بمرض السكري تماما؟
التحسن في مقاومة الإنسولين وخسارة الوزن واتباع نمط حياة صحي، مثل الصيام المتقطع والتقليل من الكربوهيدرات، كلها عوامل فعالة جدًا في تقليل خطر تطور مرض السكري من النوع الثاني. ومع ذلك، فإن مقاومة الإنسولين تُعتبر حالة قابلة للرجوع إذا لم يُحافظ على نمط الحياة الصحي.

أي إنك لم "تشف" تمامًا، لكنك في مرحلة تحكم ممتازة. عليك بالمتابعة الدورية لمستويات السكر التراكمي (HbA1c) وسكر الصيام فهي ضرورية لمراقبة أي تغيرات مستقبلية.

معظم المصابين بمتلازمة تكيس المبايض لديهم مقاومة للأنسولين. ولكن لا تزال الصلة بين مقاومة الأنسولين ومتلازمة تكيس المبايض غير واضحة.

تحدث إلى طبيب إذا كنت تشك في إصابتك بمقاومة الأنسولين.

لتحديد ما إذا كان شخص يعاني من مقاومة الأنسولين، سيعتمد الطبيب على مجموعة من الاختبارات والعوامل التالية:

• الأسئلة: سيسأل مثلا على التاريخ الصحي للعائلة.
• الفحص: سيأخذ وزن الجسم وقياس ضغط الدم.
• تحليل سكر الدم (صائم): يقيس اختبار الدم هذا نسبة السكر في الدم بعد عدم تناول الطعام أو الشراب -باستثناء الماء-  لمدة 8 ساعات على الأقل.
• اختبار تحمل الجلوكوز عن طريق الفم: يجرى أولا للشخص اختبار سكر صائم، ثم يشرب محلولًا سكريًا، وبعد ساعتين من ذلك، يجرى له اختبار آخر لسكر الدم.
• تحليل السكر التراكمي: يوضح هذا الاختبار متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية. قد تحتاج إلى إجراء هذا الاختبار أكثر من مرة لتأكيد النتائج.
• فحص الدهنيات في الدم: مثل الكوليسترول الضار LDL والكوليسترول النافع HDL والدهون الثلاثية، فارتفاع الدهون الثلاثية وانخفاض الكوليسترول النافع مرتبطان بمقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني.

قد ذكرنا فيما سبق التحاليل التي تجرى لتشخيص مقاومة الأنسولين والتي تشمل تلخيصًا لما سبق: تحاليل السكر الصائم وتحمل الجلوكوز والسكر التراكمي، وفحوص دهنيات الدم.

ليس هناك تحليل واحد لتشخيص مقاومة الأنسولين، بل هي مجموعة تحاليل ولكل تحليل تعليماته التي سيخبرك بها الطبيب، فالبعض يحتاج صيام ثمانِ ساعات والبعض الآخر لا يحتاج قيود على تناول الطعام.

لا، مقاومة الأنسولين لا تمنع نزول الوزن، ولكنها تجعله أكثر تحديا؛ لأن الجسم يعتاد على تخزين الدهون. يحتاج المريض إلى علاج مقاومة الأنسولين أولًا قبل أن يبدأ في خطة إنقاص الوزن حتى يتمكن من رؤية نتائج ملحوظة.

كنت أعاني من صعوبة الوزن في تجربتي لمقاومة الأنسولين، حتى وضعت طبيبتي لي نظامًا ساعدني على إنقاص الوزن وبالفعل تستحق طبيبتي لقب أفضل طبيبة تغذية في جدة.

لا يوجد دواء يمكن أن يعالج مقاومة الأنسولين بشكل نهائي. وكذلك فإن محاولة علاج مقاومة الانسولين طبيعيا لن تجعلك تتخلص منه بشكل نهائي، إلا أن دورك يكمن في إيجاد الطرق الأمثل لإدارة حالتك، وهذا يخفف كثيرا من مضاعفات مقاومة الأسولين، ولكن قد يصف الطبيب أدوية لعلاج المشكلات الصحية الأخرى المصاحبة له، مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول الضار.

وإذا كان الشخص معرضًا لخطر متزايد للإصابة بمرض السكري، فقد يوصف له أيضًا دواء يسمى ميتفورمين. عادةً ما يوصف هذا الدواء لمرضى السكري للمساعدة على الحفاظ على مستوى السكر في الدم.

ولكن الخبر الجيد أن الشخص يمكنه بالمواظبة على بعض العادات جعل خلاياه أكثر حساسية للأنسولين.

فالنشاط البدني أحد الأسباب التي تجعل الجسم أكثر حساسية للأنسولين، وهو أحد الأسباب المهمة لإدارة مرض السكري (وللصحة الجيدة بشكل عام). لا ينبغي للفرد في هذه الحالة الانتظار حتى يتم تشخيصه بمقدمات السكري أو السكري من النوع الثاني، ليبدأ في الحركة أكثر. فكلما اتخذ إجراءً مبكرًا، كان ذلك أفضل له.

أيضا يُعد إنقاص الوزن إذا كان المصاب يعاني من زيادة الوزن أو السمنة طريقة أخرى رائعة لتخفيف الضغط على الجسم وزيادة حساسيته للأنسولين.

يساعد اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على الخضراوات غير النشوية والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون على تقليل نسبة السكر في الدم، ما يؤدي إلى تقليل كمية الأنسولين التي يفرزها البنكرياس للمساعدة على تحسين مقاومة الأنسولين.

تساعد التغييرات الأخرى في نمط الحياة مثل التحكم في الضغط النفسي والحصول على قسط كافٍ من النوم والإقلاع عن التدخين على التحكم في مقاومة الإنسولين.

في تجربتي مع مقاومة الأنسولين كانت الخطة العلاجية مزيجًا من النظام الغذائي والتمارين التي ساعدت على إنقاص وزني وزيادة حساسية الأنسولين.

ختاما، مقاومة الأنسولين يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية مثل السكري وزيادة الوزن. من خلال اتباع نمط حياة صحي، يمكن التحكم فيها والوقاية من آثارها. ننصحكم دائمًا باستشارة طبيب تخصص غدد صماء في حال لاحظتم أي أعراض تشير إلى مقاومة الأنسولين أو مقدمات السكري للتحكم في الحالة قبل تطورها.

احجز الآن في أندلسية أفضل مستشفى تخصصي في جدة لأفضل الخدمات الطبية والرعاية الصحية من هنــــــــــــــــــــــــــــا.