ما هو مرض الانسداد الرئوي وما الفرق بينه وبين الربو؟

الانسداد الرئوي (pulmonary embolism) هو حالة تحدث نتيجة تكون جلطة في وعاء دموي في الجسم (غالبًا في وريد الساق)، وقد تبدأ أيضًا داخل وريد الذراع أو الوريد الحوضي، ثم تنتقل كلها أو جزء منها بعد ذلك عبر مجرى الدم إلى شريان الرئة حيث تمنع تدفق الدم فجأة وتسبب انسداد مجرى الهواء أو كما يُعرف بـ انسداد الرئة.

يبدأ الانسداد الرئوي غالبًا على شكل جلطة داخل وريد الساق. يُسمى هذا النوع من الجلطات بتجلط الأوردة العميقة (DVT).

لتبسيط الأمر، فإن القلب والشرايين والشعيرات الدموية والأوردة تشكل جهاز الدورة الدموية في الجسم. يُضخ الدم بقوة كبيرة من القلب إلى الشرايين، ومن هناك يتدفق الدم إلى الشعيرات الدموية (أوعية دموية صغيرة في الأنسجة). يعود الدم بعد ذلك إلى القلب عبر الأوردة. يتباطأ تدفق الدم في أثناء تحركه عبر الأوردة عائداً إلى القلب. في بعض الأحيان قد يؤدي تدفق الدم البطيء هذا إلى تكوين جلطة.

تُسمى الجلطة الدموية التي تتشكل في وعاء دموي في منطقة محددة من الجسم، ثم تنفصل، وتنتقل عبر الدم إلى منطقة أخرى من الجسم بـ "الصمة". قد تستقر الصمة في وعاء دموي، ما يمنع تدفق الدم إلى عضو معين، ويسمى الانسداد في الأوعية الدموية الناجم عن الصمة بالانصمام، وفي حالة حدوثه في شريان الرئة فإنه يعرف بالـ الصمة الرئوية أو الانصمام الرئوي.

يمنع الانسداد الرئوي تدفق الدم إلى جزء من الرئة. يعاني عديد من الأشخاص المصابين بهذه الحالة من جلطتين أو أكثر في إحدى الرئتين أو كلتيهما.  

يتسبب الانسداد الرئوي في أعراض خفيفة، مثل: ضيق في التنفس عند بذل مجهود أو آلام متقطعة في الصدر، وقد يصل الأمر لأعراض خطيرة ومهددة للحياة اعتمادًا على حجم الجلطة والأوعية الدموية المسدودة.

مشكلة الانسداد الرئوي أن أعراضه تشبه عديدًا من الحالات الطبية الأخرى، بما في ذلك النوبة القلبية والالتهاب الرئوي، وبالتالي قد يكون من الصعب تشخيصها.

قد يؤدي الانسداد الرئوي إلى تقليل كمية الأكسجين التي تدخل إلى الجسم، وقد يسبب نقص الأكسجين الشديد تلف الرئتين والأعضاء الأخرى.

يُصنف الانسداد الرئوي إلى ثلاثة أنواع وفقًا لشدة الأعراض واستمراريتها، وهذه الأنواع هي:

ينتج هذا النوع عن جلطة حديثة، ويسبب إجهادًا حادًا في القلب، ويحتاج إلى علاج فوري باستخدام أدوية تسييل الدم.

قد يصعب تشخيص الانسداد الرئوي الحاد؛ لأن أعراضه قد تختلف من شخصٍ لآخر، ولكن في العموم تشمل:

• صعوبة وضيق في التنفس.
• ألم حاد في الصدر.
• سعال.

عادةً ما ترتبط بعض العوامل بالانسداد الرئوي الحاد مثل، فترات الراحة الطويلة كما هو الحال مع الاستلقاء بعد جراحات العظام، كذلك يحدث بشكل شائع نتيجة السمنة والحمل وتناول حبوب منع الحمل.

وهو حالة تحدث بشكل تدريجي ويصعب تشخيصها، ما قد يؤخر العلاج ويؤدي إلى مضاعفات. الأشخاص الذين لديهم انسداد رئوي تحت حاد لديهم معدل وفيات أعلى من الذي يعانون من الانسداد الحاد.

عادةً ما تتطور أعراض الانسداد الرئوي تحت الحاد خلال 2-12 أسبوعًا، وتشمل:  

• ضيق التنفس التدريجي.
• ألم في الصدر.
• سعال مصحوبًا بالدم.

الأشخاص المصابون بالانصمام الرئوي تحت الحاد لديهم خطر أكبر لارتفاع ضغط الدم بسبب الجلطات الدموية، مقارنةً بأولئك الذين يعانون من الانتفاخ الرئوي الحاد.

ينجم مرض الانسداد الرئوي المزمن COPD عن بقايا جلطة دموية غير منحلة متبقية من انسداد رئوي حاد سابق ويتفاقم مع مرور الوقت.  

قد يؤدي الانصمام الرئوي المزمن إلى ارتفاع ضغط الدم في الأوعية الدموية في الرئتين، والمعروف باسم ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمام الخثاري المزمن (CTEPH). هذه الحالة خطيرة، وقد تؤدي إلى قصور القلب الأيمن.

لا تختلف أعراض الانسداد الرئوي عند الأطفال عن تلك لدى الكبار، ومع ذلك قد يعاني كل شخص من الأعراض بشكل مختلف. يعتمد نوع وشدة أعراض السدة الرئوية الحادة على حجم الانسداد، وما إذا كان المريض يعاني من مشكلات في القلب و/أو الرئة.

وتشمل أعراض الانسداد الرئوي عند الكبار:

• ضيق التنفس المفاجئ أو التنفس السريع (العرض الأكثر شيوعًا).
• ألم في الصدر (يزداد سوءًا مع التنفس).
• شعور بالقلق أو الرهبة.
• اضطراب نبضات القلب، وفي بعض الأحيان تسارع في النبضات.
• السعال وقد يكون مصحوبًا بدم.
• التعرق.
• ضغط دم منخفض.

قد تتسبب الجلطة قبل وصولها إلى الشريان الرئوي في الأعراض التالية:

• ألم في الساق المصابة (قد يحدث فقط عند الوقوف أو المشي).
• تورم في الساق.
• وجع و/أو دفء في الساق.
• احمرار أو تغير لون الجلد.
• أظافر أو شفاه مزرقة.

لأن الأعراض السابقة قد تتشابه مع أعراض حالات أخرى، من المهم التواصل مع الطبيب في حالة مواجهة أي منها للاطمئنان على صحتك.

في بعض الحالات، يمكن أن تحدث أعراض الانصمام الرئوي دفعة واحدة، وفي حالات أخرى، قد تبدأ الأعراض ببطء وتزداد سوءًا مع مرور الوقت.

نعم قد يتسبب الانسداد الرئوي في دوار أو دوخة وقد يصل حد الإغماء.

سبب الانسداد الرئوي هو حدوث جلطة كما ذكرنا في الشريان الرئوي، عادةً ما تبدأ جميع الصمات الرئوية نتيجة جلطة في الساق والتي تتحرك كلها أو جزء منها عبر مجرى الدم لتصل إلى الشريان الرئوي وتسده. يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بجلطات الأوردة العميقة بسبب تاريخهم العائلي أو نمط حياتهم أو بعض الحالات الطبية.

في بعض الحالات، تتطور الجلطات في الأوعية الدموية في الرئتين بدلاً من الساقين أو الذراعين. على الرغم من أن أسباب انسداد شرايين الرئة ليست محددة لكن هناك عوامل خطر ترتبط بزيادة الإصابة به، ونذكرها فيما يلي.

تزداد فرص الإصابة بالانسداد الرئوي في الحالات التالية:

• الحالات الوراثية التي تزيد من خطر تكون جلطات الدم.
• بعض الحالات الطبية، مثل: قصور القلب، ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، وارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية، ومرض التهاب الأمعاء، والتهاب القولون التقرحي أو مرض كرون.
• التاريخ العائلي للإصابة باضطرابات تخثر الدم.
• التقدم في العمر.
• الإقامة في المستشفى أو البقاء في السرير لأكثر من بضعة أيام.
• الجلوس في الطائرة أو السيارة أو القطار لأكثر من بضع ساعات دون مشي.
• كسر في الساق أو التعرض لإصابة كبيرة.
• الخضوع لاستبدال الورك أو الركبة.
• وجود قسطرة وريدية.
• الإصابة بالسرطان أو تلقي العلاج الكيميائي.
• الحمل (نتيجة ضغط وزن الجنين على أوردة الحوض، ما يبطئ تدفق الدم في الساقين).
• السمنة.
• التدخين.
• تناول حبوب منع الحمل.
• العلاج بالهرمونات البديلة.
• تضخم أوردة الساقين (الدوالي).
• الإصابة بقصور القلب أو أمراض الرئة المزمنة الشديدة.
• الإصابة بتجلط في الأوردة العميقة أو انسداد رئوي في الماضي.

نعم، يحدث التجلط الوريدي والانسداد الرئوي لدى الأطفال والشباب، ولكن بشكل أقل شيوعًا منه لدى البالغين وكبار السن.  

ركزت عديد من الدراسات عما إذا كانت هناك علاقة بين السدة الرئوية المزمنة وكورونا. في دراسة أُجريت عام 2021 على أكثر من 400 شخص مصاب بكوفيد-19 في المستشفى، شُخص 25% منهم بالانسداد الرئوي.

استهدفت دراسة أخرى أُجريت عام 2022 أكثر من مليون شخص تم تشخيصهم بكورونا، ووجد الباحثون أن كوفيد-19 هو عامل خطر للانسداد الرئوي وتجلط الأوردة العميقة (DVT).

الجدير بالذكر أن الدراسات وجدت أيضًا أن الإصابة بالانسداد الرئوي تزيد من معدل الوفيات وحدوث مضاعفات لدى مرضى كورونا.

إذا كنت تتساءل كيف أعرف أن عندي انسداد رئوي، فيجب الاستشارة الطبية بمجرد الشعور بعرض مما ذكرنا سابقًا. يبدأ الطبيب بالسؤال عن الأعراض والتاريخ العائلي والطبي للمريض إلى جانب الفحص البدني، كل هذا للوصول إلى تشخيص مبدئي.

قد يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوص الاختبارات، والتي تشمل:

• فحص مستوى الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم.
• تحليل دي دايمر.
• فحوص التصوير، مثل: الأشعة السينية للصدر، أو الأشعة المقطعية، أو الفحص بالموجات فوق الصوتية (السونار).
• تصوير الأوعية الرئوية المقطعي المحوسب، يبحث هذا الفحص عن جلطة دموية في الرئة  عبر تصوير أجزاء الرئة (إذا كانت المريضة حاملاً، سوف تخضع لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي بدلاً من التصوير المقطعي).
• فحص التهوية أو التروية، يستخدم هذا الفحص مادة مشعة للعثور على أي مناطق في الرئتين قد يضطرب فيها تدفق الهواء والدم بسبب جلطة دموية.
• دوبلر للساقين (لتشخيص تدفق الدم في الأوعية الدموية في الساقين).
• رسم القلب (للتمييز بين النوبة القلبية والانسداد الرئوي).
• إيكو القلب لتشخيص أي خلل القلب الناجم عن الانسداد الرئوي.

تتوافر عديد من الخيارات العلاجية لداء الانسداد الرئوي المزمن، يعتمد العلاج على شدة الانصمام الرئوي ونوعه وحالة الدورة الدموية لدى المريض.  

يهدف العلاج في الأساس إلى تكسير الجلطة التي تسبب انسدادًا في الشريان الرئوي، لذا يُوصي الطبيب بمضادات التجلط أو مسيلات الدم، وهي الخيار الأول من العلاج والتي تعمل على تفكيك الجلطات تدريجيًا وخاصةً إذا كان انسداد رئوي بسيط، ومنها:

• ماريفان أقراص- Marevan Tablets.
• كالهيبارين حقن- Cal Heparine.
• منشط البلازمينوجين النسيجي: وهو دواء يؤخذ عن طريق الوريد على مدار عدة ساعات ويُوصف للمرضى المعرضين لمخاطر عالية.

يهدف هذا الإجراء لاستئصال الجلطة الدموية بطريقة غير جراحية. يصنع الطبيب شقًا صغيرًا في الجلد في الساق أو الرقبة، ويدخل من خلاله قسطرة (أنبوب رفيع مرن) إلى الشريان الرئوي حيث يمتص جهاز الشفط الجلطات من الشريان ويزيلها من خلال شق صغير في الجلد.

قد يوصي الطبيب أيضًا بالقسطرة للمرضى الذين يعانون من جلطات كبيرة، إذ يتم توجيه القسطرة بالأشعة السينية من خلال شق في الساق أو الرقبة ويحقن الطبيب من خلالها أدوية لإحلال الجلطة بينما يستخدم في الوقت نفسه الموجات فوق الصوتية للمساعدة على تفتيتها.

إذا كان المريض معرضًا لمضاعفات خطيرة، ولا يمكن علاجه بمسيلات الدم، فهنا يتدخل الطبيب جراحيًا عن طريق عملية قلب مفتوح. بعد الانتهاء من الجراحة سيوصي الطبيب بأدوية مسيلات الدم لمنع تكون الجلطات مرة أخرى.

إلى جانب العلاجات السابقة سينصح الطبيب بتغيير بعض العادات الحياتية على سبيل المثال:

• الإقلاع عن التدخين.
• ممارسة النشاط البدني.
• ارتداء الجوارب الضاغطة في الساق لتقليل خطر إعادة تكوين الجلطات.

يشترك الربو وداء الانسداد الرئوي المزمن في عديد من الأعراض، ما قد يؤدي إلى صعوبة التشخيص، وسنوضح بعض الفروق بين الحالتين، ومع ذلك يجب استشارة الطبيب، فتشخيصه هو الفيصل في تحديد الحالة.

• الربو: يأتي في صورة نوبات تؤدي إلى التهاب وتهيج المسالك الهوائية بسبب مسببات الحساسية مثل: جزيئات الغبار أو حبوب اللقاح التي تسبب رد فعل تحسسي.

يتميز الربو بأعراض مثل: صفير في أثناء التنفس وشعور بضيق في الصدر.

• الانسداد الرئوي المزمن: يحدث كما وضحنا نتيجة وجود جلطة في الشريان الرئوي تسبب صعوبة تحريك الهواء داخل وخارج الشعب الهوائية، ما يؤدي إلى ظهور أعراض شبيهة بالربو. لكن مرض الانسداد الرئوي المزمن يتفاقم بمرور الوقت وتحدث أعراضه دون محفز.

تشمل الفروق الأساسية بين مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو:

• العمر: الفرق الرئيسي بين مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو هو عمر الفرد عند تشخيصه. عادةً ما يُشخص مرض الربو في مرحلة الطفولة أو المراهقة، في حين يُشخص مرض الانسداد الرئوي المزمن في وقت لاحق من الحياة.
• الأعراض: عادةً ما يحدِث الربو أعراضًا فقط عندما يتم تحفيزه بواسطة مسبب للحساسية، أما أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن ثابتة ويمكن أن تزداد سوءًا بمرور الوقت.
• المشكلات الصحية ذات الصلة: مع الربو، قد يكون لدى المريض أيضًا حالات حساسية أخرى مثل: حمى القش أو الإكزيما، بينما قد يعاني مرضى الانسداد الرئوي المزمن من مشكلات مثل: أمراض القلب التاجية.

يتعافى معظم مرضى الانسداد الرئوي بشكل كامل في غضون عدة أسابيع إلى أشهر دون حدوث مضاعفات كبيرة أو آثار ضارة طويلة المدى، ومع ذلك، إذا لم يُعالج في وقتٍ مبكر فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

قد يكون الانسداد الرئوي مهددًا للحياة إذا لم يتم علاجه في وقتٍ مبكر، ومن مضاعفاته:

• السكتة القلبية.
• عدم انتظام ضربات القلب.
• الانصباب الجنبي (تراكم السوائل في الغشاء المحيط بالرئتين).
• ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
• الاحتشاء الرئوي (موت أنسجة الرئة).

أفضل طريقة للوقاية من الانسداد الرئوي هي تقليل فرص الإصابة بجلطات الدم من خلال:  

• التوقف عن التدخين.
• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
• عدم الجلوس لفترات طويلة.
• تناول كمية وفيرة من الماء.
• إنقاص الوزن الزائد بطريقة صحية.
• تجنب الدهون المشبعة وتناول الدهون الصحية.

مرض الانسداد الرئوي حالة يمكن علاجها دون أن تترك أثرًا أو تسبب مضاعفات خطيرة، ولكن نوصي دائمًا بعدم إهمال أي عرض غير طبيعي واستشارة الطبيب حتى يمكن تشخيص الحالة في وقتٍ مبكر وتقليل فرص تفاقمها، لذا إذا كان لديك تاريخ أسري للإصابة بالجلطات، أو تعرضت لإصابة أقعدتك بالفراش لفترة فننصحك بالتأكد أنك لست معرضًا لحدوث جلطة قد تنتهي بانسداد رئوي.