كيف أعرف بقع البهاق وما العلاج الأول له؟

يمثل البهاق حالة طويلة الأمد تظهر فيها بقع بيضاء شاحبة على الجلد. ينتج ذلك عن نقص الميلانين أو صباغ الجلد؛ بسبب موت الخلايا التي تنتج الميلانين (الخلايا الصباغية) أو توقفها عن العمل لسبب ما.

يمكن أن يؤثر البهاق على أي جزء من الجسم، ولكنه يحدُث بشكل شائع في الوجه والعنق، واليدين والذراعين، وفي ثنيّات أو تجاعيد الجلد، وقد يؤثر أيضًا على الشعر وبطانة داخل الفم. يُلاحَظ تحوّل الشعر أيضًا إلى اللون الرمادي أو الأبيض إذا كانت المناطق المصابة بها شعراً.

 قد يصيب البهاق الناس من جميع أنواع البشرة، ولكن قد يظهر بشكل أكثر وضوحًا عند الأشخاص ذوي البشرة السمراء أو السوداء.

كما ذُكر، السبب الرئيسي هو اضطراب في الخلايا التي تنتج الصباغ، ليس من الواضح بالضبط سبب اختفاء هذه الخلايا من المناطق المصابة من الجلد.  ولكن هناك تفاسير لا شك أنها صحيحة بشكل نسبي.

يُعزى السبب الأساسي وراء البهاق إلى أمراض المناعة الذاتية، حيث أن أشهر أنواع البهاق: البهاق غير المقطعي، وهو اضطراب يُهاجم فيه جهاز المناعة خلايا الجلد الصباغية السليمة التي تصنع الميلانين ويدمرها.

ولكن من جهة أخرى قد تشمل الأسباب المؤهبة لحدوث البهاق ما يلي:

1. وجود تاريخ عائلي لأمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل فقر الدم الخبيث أو التصلب المتعدد وغيرهم.
2. وجود حالة سرطان جلد أو سرطان الغدد الليمفاوية.

كما أنه قد ينشأ من:

1. حدث مُثير يغير من طبيعة خلايا الجسم مثلاً: حالات بعد عملية الولادة أو التعرُّض لرضّ أو إجهاد شديد.
2. ظاهرة كوبنر  (Koebner phenomenon)، وهي ما تُشير إلى استجابة نتجت عن تلف الجلد في حالات، مثل: حروق الشمس الشديدة أو الجروح.
3. التعرض لبعض المواد الكيميائية في العمل أو ما شابه.

تذكر أنه لا يمكن أن ينتج البهاق عن عدوى، ولا يمكن التقاطه من شخص آخر مصاب به.

يكون طبيب الأمراض الجلدية الأكثر خبرة في تأكيد إن كانت هذه البقع هي بهاق بالفعل، يظهر عادةً أولاً على اليدين والوجه وحتى الأعضاء التناسلية. يشك طبيبك إن لاحظ أحد العلامات التالية:

1. بقعة شاحبة من الجلد تتحول تدريجيًّا إلى اللون الأبيض تمامًا.
2. قد يكون منتصف البقعة أبيض اللون وحوله جلداً شاحباً.
3. ممكن أن يُلاحظ البهاق على شكل بقع وردية قليلاً بدلاً من الأبيض.
4. تكون حواف الرقعة ناعمة أو غير منتظمة. وفي بعض الأحيان تكون حمراء وملتهبة، أو يكون هناك تغير إلى اللون البني ما يدل على فرط التصبغ.
5. ظهور الشيب المبكر في الرأس أو الرموش أو الحاجبين أو اللحية.

بالإضافة لذلك لا يترك البهاق أي انزعاج في الجلد، قد يسبب حكة خفيفة عند بعض الناس. كما أن هذه الحالة يمكن أن تبدأ في أي عمر، ولكنها عادةً ما تظهر قبل سن الثلاثين.

لا يشكل البهاق حالة ثابتة، فلكل حالة فردية عدد بقع وحجم مختلف تختلف من شخص لآخر. يلاحظ بعض الناس عدداً قليلاً من البقع البيضاء الصغيرة، بينما تظهر عند البعض الآخر ببقع بيضاء أكبر تنتشر على مناطق كبيرة من الجلد.

لا يمكننا حصر جميع أسباب ظهور البقع البيضاء على الجلد ضمن سطور قليلة، لذا تكون استشارة طبيب وأخصائي الأمراض الجلدية هي الفَيّصَل في تحديد التشخيص.

يمكن اللجوء للفحص عبر استخدام مصباح Wood، وهو ضوء من الأشعة فوق البنفسجية UVA يبدو ذو لون أرجواني داكن، ويتم استخدامه عن طريق الإمساك به بالقرب من الجلد المصاب مع إطفاء جميع الأضواء في الغرفة.

ما يميز البهاق في هذه الحالة هو تألق كل البقع البيضاء بلون أبيض ساطع، ما يجعلها مرئية بوضوح على عكس لون الجلد غير المصاب أو الطبيعي. إنها طريقة تجعل الطبيب قادراً على التشخيص التفريقي ما بين البهاق والبقع البيضاء الأخرى، دون الحاجة لأخذ خزعة من الجلد.

تختلف حالة انتشار البهاق من شخص لآخر على حسب نوع البهاق الحاصل. يبدأ البهاق عادةً ببضع بقع بيضاء صغيرة ومن ثم تنتشر تدريجيًا في الجسم على مدار عدة أشهر. قد يتغير موقع البقع الصغيرة بمرور الوقت؛ ذلك نتيجة فقدان مناطق معينة من الجلد الصبغات واستعادتها.

وفي حالات أخرى، تستمر البقع الكبيرة في الاتساع والانتشار. من المطمئن أنها غالباً ما تبقى في نفس المكان لسنوات. لذا وإجابة للسؤال السابق، لا توجد طريقة مؤكدة للتنبؤ بحالة الجلد ومدى تأثره وعادة ما تكون البقع البيضاء دائمة بمجرد ظهورها.

قد يساعد معرفة نوع البهاق والتشخيص الصحيح في معرفة مدى انتشاره. إذ يملك البهاق أنواعاً ومظاهر مختلفة ولا يقتصر على منطقة محددة بل أن له حالات عدة يظهر بها، مثل:

1. البهاق الشامل: وهي حالة يؤثر تغير اللون على جميع أسطح الجلد بنسبة  80% من الجسم تقريبًا.
2. البهاق المعمم: تظهر البقع على أجزاء الجسم بشكل متماثل. وهو أكثر الأنواع شيوعاً.
3. البهاق المقطعي: غالباً ما تحدث هذه الحالة في سن صغير، كما أنها تتمثل في جانب واحد فقط أو جزء من الجسم وتتطور لمدة عام أو عامين ومن ثم تتوقف على حالها.
4. البهاق الموضعي (البؤري): هذا النوع يشمل مناطق محددة من الجسم أو أحياناً منطقة واحدة.
5. البهاق الحاد: يُصاب فيه الوجه واليدين، وحول فتحات الجسم، مثل الأنف والعينين والأذنين.

ينزعج المرضى من مظهر البهاق في أجسادهم، وتستمر محاولاتهم في التخلص منه.

لكن يعتمد اختيار العلاج على العمر، ومدى ومكان الإصابة، وسرعة انتشار المرض، وكيف يؤثر على حياة الشخص وحالته النفسية. 

ومن الجدير بالذكر أنها غالباً ما تكون حالة مزمنة وأن البقع البيضاء الناتجة عن البهاق دائمة ويجب التعايش معها.

وفيما يلي سنعرض أهم طرق علاج البهاق وأكثرها شيوعًا:

1. استخدام كريمات الكورتيزونات الموضعية على الجلد لاستعادة بعض من الصباغ، يكون هذا النوع أكثر فاعلية عندما يكون البهاق لا يزال في مراحله المبكرة. لكن على المدى الطويل قد يسبب ذلك علامات تمدد الجلد وترققه وآثار أكثر خطورة.
2. حبوب أو حقن الكورتيكوستيرويد، تُعد خيارًا للأشخاص الذين تتطور حالة مرضهم بسرعة.
3. الأدوية المثبطة للجهاز المناعي، مثل تاكروليموس (Tacrolimus)،  عادة ما توصف للأشخاص الذين يعانون من مناطق صغيرة من تصبغ الجلد، وخاصة على الوجه والرقبة.  من الجدير بالذكر أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) حذرت من وجود علاقة محتملة بين تناول هذه الأدوية وحدوث سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الجلد.

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قبل أيام وتحديداً في الثامن عشر من الشهر يوليو عام 2022 على العلاج الأول لأكثر أشكال البهاق شيوعًا، البهاق المعمم. 

دواء اوبزيلورا Opzelura الذي يحوي المادة الفعالة روكسوليتينيب Ruxolitinib، وهو ينتمي إلى فئة من العقاقير التي تعمل عن طريق تقليل نشاط الجهاز المناعي. يحتاج مريض البهاق إلى تطبيق الكريم مرتين يوميًا على المناطق المصابة.

قد يستغرق الأمر 24 أسبوعًا أو أكثر للأشخاص المصابين بالبهاق لرؤية نتائج مُرضيّة. أثبتت الدراسات السريرية إلى ظهور تحسُّن واضح في حالة البهاق بعد هذه المدة، وكانت النتائج مرضيّة لهم بالفعل بنسبة 75% على الأقل.

كما أشارت الدراسات إلى أن الاستخدام الموضعي لهذه المادة لا تملك نفس المخاطر الفموية من زيادة الإصابة بالتهابات، ومشاكل القلب الرئيسية، وتجلط الدم وغيرهم، وذلك لأن تركيزات الدواء الموجودة في الدم أقل بكثير مقارنة بالأشخاص الذين يتناولونه عن طريق الفم.

 تُشير الممارسات إلى أن العلاج بالضوء عبر تسليط الأشعة فوق البنفسجية ضيقة النطاق UVB، يوقف أو يبطئ تطور البهاق الذي يتطور سريعاً أو النَشِط.

 يكون أكثر فعالية عند استخدامه مع الكورتيكوستيرويدات أو العلاجات الدوائية الأخرى. كما أن العلاج يتم عبر جلسات مستمرة مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، وقد تستمر من 1 إلى 3 أشهر قبل ظهور أي تغيير.

 في بعض الحالات يستغرق الأمر 6 أشهر أو أكثر للحصول على التأثير الكامل.

تضم الآثار الجانبية للعلاج بالأشعة، الاحمرار والحكة والحرقان ولكنها غير مستمرة وغالباً ما تختفي في غضون ساعات من العلاج.

الإصابة بسرطان الجلد هي إحدى المضاعفات المحتملة للأمر، لذا يجب مناقشة مخاطره مع طبيبك واتخاذ القرار من قِبَله.

تهدف جراحة البهاق إلى تحقيق إعادة تصبغ كاملة، من أجل تحسين الناحية الجمالية مع الجلد الطبيعي المحيط. تُستخدم العلاجات الجراحية في حالة المرض المستقر فقط، أي الحالة التي لم تتطور خلال فترة 6-12 شهرًا. 

كما أن البهاق في مرحلة الطفولة هو حالة لا يمكن اللجوء فيها للجراحة.

يتم اتخاذ قرار إجراء العملية الجراحية، وتحديد نوعها على حسب عوامل عدة منها:

1. عمر المريض.
2. حجم وموقع رقعة البهاق.
3. حالة المريض الصحيّة.
4. حالة المريض النفسية وتوقعاته عن نتائج الجراحة.

تهدف جميع أنواع العلاجات الجراحية للبهاق إلى نقل الخلايا الصباغية السليمة من الجلد الطبيعي إلى مناطق الجلد المصابة بالبهاق.  

1. تطعيم الأنسجة الغنيّة بالخلايا الصباغية مثل: إجراء التطعيم بالثقب المصغر Miniature punch grafting، وهو أكثر العلاجات شيوعاً نظراً لبساطة تطبيقه. يتم في هذا الإجراء عمل ثقوب صغيرة قطرها حوالي 2مم على المنطقة ذات الجلد السليم سواءً في الأرداف أو الفخذ، وتوضع على منطقة البهاق.
2. تطعيم الخلايا الصباغية (التطعيم الخلوي) وهي حالات يؤخذ فيها الأنسجة من موقع مانح (مُتبرع متوافق الأنسجة)، يتم وضع هذه الأنسجة في أوساط خاصة تحوي عوامل نمو، ومن ثم زرعها على الجلد المريض. يعد إجراء مكلفاً ومعقداً، ويحتاج لخبراء ومعامل خاصة على الرغم من ذلك تسمح هذه العملية بمعالجة مساحة كبيرة في جلسة واحدة باستخدام طُعم صغير من المانحين.

على الرغم من أن العلاج قد يساعد في استعادة لون البشرة في الكثير من الحالات، إلا أن نادراً ما يستمر هذا التأثير لفترة تُرضى الشخص. وفي الكثير من الحالات قد يفشل العلاج الدوائي أو الضوئي في ايقاف انتشار الحالة وقد تظهر بقع جديدة ضمن نفس الفترة. 

يُحتم ذلك تقبُّل شكل البهاق واللجوء للمساعدة من الأطباء النفسيين والمجموعات التحفيزية التي تُساعد على قبول هذا التغيُّر والتميز في شكل البشرة.

يمكنك تحسين مظهر بشرتك وحالة البهاق لديك إن اتبعت أساليب الرعاية الذاتية والعناية التي تتمثل في:

1. حماية البشرة من أشعة الشمس الضارة، وضع واقي شمسي، وتجديده كل ساعتين؛ ذلك يحمي الجلد من مضاعفات وحروق وأمراض أخرى.
2. الامتناع عن جميع طرق تسمير البشرة، حتى وإن كانت عبر أسرّة التسمير والمصابيح الشمسية. يُبرز ذلك بقع البهاق بشكل أكبر بالإضافة لتأثيرها على طبقات الجلد السليمة.

ختاماً البهاق هو أحد أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر على مظهر جلدك وظهور بقع بيضاء مختلفة الأحجام، لكنه ليس معديًا، ولا يستطيع الشخص المصاب نقله إلى شخص آخر. فاطمئن وحاول تقبل تغيير شكلك، واعلم أن ليس كل بقعة بيضاء تظهر على جلدك هي بهاق، وأن الطبيب المُختص هو وحده من يجاوبك على سؤالك: كيف أعرف بقع البهاق؟

 احجز الآن للحصول على رعاية طبية عالية الجودة وفحوصات دورية شاملة في مستشفى أندلسية لصحة العائلة احجز معنا واستمتع بخدمة صحية متفردة لتأمين سلامة عائلتك، من هنــــــــــا.