ما هو داء ديفك ؟ وكيف يمكن علاج التهاب العصب البصري؟

يعد داء ديفك من الاضطرابات العصبية النادرة. يهاجم الجهاز المناعي عند المرضى المصابين به النخاع الشوكي والأعصاب البصرية ويتلفها؛ ما يُفسر تسميته بالتهاب النخاع والعصب البصري (Neuromyelitis optica (NMO.

يُصيب داء ديفك الأشخاص في أي عمر، ولكنه أكثر انتشاراً عند النساء خاصةً النمط المنتكس منه، كما أنه شائع عند الأشخاص فوق سن الأربعين، ويتم الخلط بينه وبين التصلب اللويحي بشكلٍ كبير.

كان يُعتقد سابقاً أنه مرض أحادي الطور يؤثر في أحد أو كلا الأعصاب التي ذكرناها، ويصيب الشخص مرة واحدة ولا تتكرر النوبة، ومع تطور العلم أكد الأطباء أنه عبارة عن نوبات مناعية حادة متكررة وتنفصل بفترات من الراحة. 

قد تكون فترات الراحة أسابيع أو أشهر، بل إنها تصل لسنوات دون حدوث أي هجمة للمريض، ثم يفاجئ بهجمة جديدة تعيده لنقطة الصفر مع الكثير من الأعراض الحادة.

تلعب الوراثة دوراً هاماً في إحداث هذا المرض، أما عن الأنواع والأعراض التي قد ترافقه ستجدها في السطور التالية.

تكمن المشكلة في أمراض المناعة الذاتية مثل داء ديفك أن جهاز المناعة يهاجم الجسم بدلاً من مهاجمة الأجسام الغريبة، ففي مثل هذه الحالة نراه يُحدث حالة التهاب في العصب البصري optic neuritis والتهاب في النخاع الشوكي myelitis، وكأن هذه الأعصاب والخلايا ليست من الجسد ويريد أن يتخلص منها.

قد يحدث التهاب العصب البصري نتيجة أمراض أخرى، مثل: الحصبة والنكاف والعدوى البكتيرية المرافقة لمرض لايم (وهو مرض ينجم عن عدوى جرثومية، تنتقل للإنسان عن طريق القراد) وأمراض المناعة كالتصلب المتعدد وغيرهم.

تترك نوبة داء ديفك وراءها العديد من التوابع المؤذية فهي غالباً لا تمر دون أن تسبب ضرراً، ولذلك يلاحظ الطبيب أعراضاً على المريض، مثل: 

1. تشنجات عصبية وحدوث اختلاجات خاصةً عند الأطفال.
2. ألم في العين وتشوش الرؤية.
3. فقدان مفاجئ في النظر بشكل جزئي أو كامل.
4. تصلب وتنميل وخدر في الأطراف.
5. اضطرابات في عمل المثانة والجهاز الهضمي.
6. قيء شديد.
7. ضعف ومشكلات جنسية.

قد يعاني مرضى NMO (داء ديفك) من نوعين من النوبات في هذا المرض وهم:

• نوبات أحادية الطور: حالة تصيب النساء والرجال بشكل متساوٍ، وتتضمن هجوماً حاداً على العصب البصري والنخاع الشوكي في آن واحد، ويستمر مدة شهر أو شهرين.
• النوبات الدورية: هي الشكل المنتكس من المرض، والحالة الأكثر شيوعاً وانتشاراً. تُصيب النوبات الشخص بشكلٍ متقطع يفصل بينها مراحل من الراحة، وما زال العلم يبحث عن السبب العلمي لتكرار هذه النوبات.

صنف العلماء عندما اكتشفوا داء ديفك (NMO) في البداية على أنه أحد أنواع التصلب المتعدد (MS). لكن هل هذا الأمر صحيح؟ 

تتشابه أعراض داء ديفك في مراحله الأولى مع التصلب اللويحي خاصةً أن كلاهما مهاجمة من الجهاز المناعي للجهاز العصبي بشكلٍ رئيسي؛ ما جعل الخلط بينهما في التشخيص أمراً شائعاً.

مع تطور العلم تم الفصل بين هذين المرضين بوجود عدة اختلافات بينهم، وهي:

1. متوسط عمر ظهور كلا المرضين، غالباً ما يتم تشخيص التصلب المتعدد ما بين 20 - 50 عاماً، أما داء ديفك يظهر بعد الأربعينيات من العمر.
2. شكل الهجمات، يكون شكل هجمة داء ديفك أكثر حدةً وتأثيراً وتترك وراءها مخاطر وعواقب خطيرة على حياة المريض، فقد يفقد المريض نظره في إحدى النوبات أو يتطور حالة شلل في الأطراف بشكل كامل.
3. نوعية المرض، إذ يعد التصلب المتعدد مرضاً تدريجياً وهو على عكس داء ديفك الذي يترك أثره في الجسد من تكرار نوباته الحادة والمفاجئة.
4. انتشار المرض: إن أحد الاختلافات الرئيسية هي ندرة انتشار داء ديفك مقارنة بالتصلب المتعدد، ولكن مع ذلك قد يؤدي عدم التمييز بينهما إلى تأخر التشخيص الصحيح للمرض، واكتشافه في مراحله المتطورة وعدم الاستجابة الكافية للعلاج.

يُحدِث التصلب المتعدد تغيرات في الذاكرة  والقدرة على التفكير والتحليل، الأمر الذي لا نراه كثيراً مع مرضى داء ديفك.

 اقرأ أيضاً:  افضل دكتور مخ واعصاب في جدة. 

يُجمِع الأطباء على أن الكشف المبكر عن داء ديفك هو أهم مراحل تدارك مضاعفاته على المدى البعيد وتأثيرها على حياة المريض. 

يمكن أن يلجأ الطبيب لعدة طرق لتشخيص هذا المرض، والتي تشمل:

1. تقييم التاريخ العائلي للمريض ووجود أمراض مناعية سابقة.
2. إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي للكشف عن وجود أذية في العصب البصري أو الدماغ والنخاع الشوكي.
3. اختبارات كشف كفاءة عمل الأعصاب، والتحقق من القدرة البصرية للمريض.
4. البذل النخاعي، يأخذ الطبيب عينة من السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي، ويجري اختبارات عليها في المختبر للكشف عن المرض.

 يأخذ الطبيب كذلك عينات من الدم للكشف عن مؤشرات الالتهاب في الجسم، ويتحقق من وجود الأجسام المضادة في المصل المُسماة  NMO-IgG، والتي تكون إيجابية في 70% من حالات داء ديفك، وسلبية في كل حالات التصلب اللويحي.

يساهم وجود بعض العوامل مساعدة الطبيب في معرفة ما إن كان هذا المريض يمتلك احتمالية عالية للإصابة بالمرض أم لا، ويساعده ذلك على التشخيص الصحيح أيضاً.

إذاً من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة؟

1. النساء.
2. الأشخاص الذين لديهم أمراض مناعية أخرى، كالذئبة الحمامية أو الحمى الروماتيزمية.
3. مرضى السرطان، لامتلاكهم جهاز مناعي ضعيف ومضطرب.
4. الأشخاص الذي يعانون من نقص حاد في مستويات فيتامين د، إذ أنه يدعم صحة الجهاز المناعي والعصبي.
5. المدخنون، أثبتت بعض الدراسات أن التدخين قد يساهم في إنتاج الأجسام المضادة NMO-IgG ذاتياً.

على الرغم من اجتماع العلماء أن هؤلاء الناس هم أكثر عرضة للإصابة إلا أن امتلاكك لواحد أو أكثر من العوامل المذكورة لا يعني حتمية إصابتك.

في كل مرة يهجم فيها داء ديفك على جسد المريض يترك له أثراً مدمراً، ومن هذه المضاعفات التي قد يسببها ما يلي:

1. ضعف الرؤية أو العمى.
2. شلل في طرف واحد أو أكثر.
3. تشنج العضلات وتصلبها.
4. فقدان السيطرة على حركة الأمعاء أو المثانة.
5. الاكتئاب والقلق.
6. الشعور بالوهن والإعياء.

لا يوجد علاج نهائي شاف لداء ديفك، ولكن تساعد العلاجات التي سنذكرها لكم في تخفيف الأعراض ومنع تكرار النوبات (الانتكاسات) وجعل تقدم الحالة أبطأ.

تضم العلاجات المقترحة لداء ديفك في الحالة الحادة أو النوبة ما يلي:

1. الكورتيزون، يبدأ الأطباء عادةً بوصف الكورتيزون بشكله الوريدي للحد من حالة الالتهاب الحاصلة بشكلٍ سريع وخاصة الميثيل بريدنيزيلون Methylprednisolone  الذي يُعطى لمدة 5 أيام ومن ثم يلجأ الطبيب للأشكال الفموية.
2. فصل أو تبادل البلازما Plasma exchange، هي الحل الثاني الذي يلجأ له الطبيب مع أو عند فشل العلاج بالكورتيزون، ويهدف به إلى تنقية الدم وإزالة البروتينات المتراكمة والتي قد تلعب دوراً في إحداث الحالة.

كما يساعد اللجوء للعلاج التأهيلي من تحسين الحالة على المدى البعيد، ويضم ذلك: 

العلاج الفيزيائي: يساعد ذلك على تدارك مشكلات الحركة وتصلب العضلات. 

• اتباع نظام غذائي صحي غني بالألياف، لدعم صحة الجهاز الهضمي ومنع حدوث الإمساك، قد يصف الطبيب أدوية لعلاج سلس البول وحالات الإمساك.

اقرأ أيضاً: علاج سلس البول عند النساء والرجال.

  صف بعض الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب من أجل تخفيف أثر الحالة النفسي على المريض، والحد من القلق والذعر الحاصل حيال حياته الجديدة.

قد لا يكون هناك سُبل للوقاية الكاملة من مثل هذه الأمراض العصبية، ولكن يمكن للمعالجة طويلة المدى أن تتحكم في الأعراض الحاصلة وتقي من تكرار النوبات مجدداً إلى حد كبير. 

تشمل هذه العلاجات:

1. المثبطات المناعية، مثل: الآزوثيوبرين Azathioprine أو الميثوتريكسات methotrexate.
2. الكورتيزون؛ للحد من الالتهاب على المدى البعيد.
3. ريتوكسيماب، وهو أحد الأدوية المستخدمة لمنع النوبات المستقبلية بشكل كبير وفعال.

وافقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على أدوية علاجية فعالة إلى حد كبير في تدارك حالة هذا المرض عبر استهداف الأضداد المناعية لداء ديفك AQP4 NMO، وهي تشمل: 

1. ايكوليزوماب (eculizumab).
2. انيبيليزوماب (Inebilizumab).

يعتمد البرنامج العلاج لداء ديفك في المقام الأول على رؤية الطبيب بناءً على التشخيص، ومن أهم الأدوية المستخدمة ما يلي: 

• اميوران 50 مجم - imuran 50 mg tablet
• ميثوتركسات 2.5 مجم - methotrexat 2.5mg tablet

ختاماً وبعد أن تعرفنا على ما هو داء ديفك بشكل تفصيلي وطرحنا أغلب سُبل العلاج والوقاية، وأنه من الواجب عليك عند مصادفة أحد هؤلاء المرضى أن تقدم لهم الدعم النفسي؛ إذ أنهم مصابون بالذعر نتيجة لتكرار هذه الهجمات التي تحمل في طياتها تغييراً للأسوأ في حياتهم كل مرة.

 احجز الآن للحصول على رعاية طبية عالية الجودة وفحوصات دورية شاملة في مستشفى أندلسية لصحة العائلة احجز معنا واستمتع بخدمة صحية متفردة لتأمين سلامة عائلتك، من هنــــــــــا.